للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُؤْيَا عُمَرَ فِي الْأَذَان وَسبق الْوَحْي بِهِ:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ مُحَمّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ رَبّهِ عَنْ أَبِيهِ

ــ

بَعْضٍ عَرَفْت جُمْلَةً مِنْ أَسْرَارِ الصّلَاةِ وَفَوَائِدِهَا الْجَلِيّةِ دُونَ الْخَفِيّةِ وَأَمّا بَقِيّةُ أَسْرَارِهَا وَمَا تَضَمّنَتْهُ أَحَادِيثُ الْإِسْرَاءِ مِنْ أَنْوَارِهَا، وَمَا فِي الْأَذَانِ مِنْ لَطَائِفُ الْمَعَانِي وَالْحِكَمِ فِي افْتِتَاحِهِ بِالتّكْبِيرِ وَخَتْمِهِ بِالتّكْبِيرِ مَعَ التّكْرَارِ وَقَوْلِ لَا إلَهَ إلّا اللهُ فِي آخِرِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللهُ فِي أَوّلِهِ وَمَا تَحْتَ هَذَا كُلّهِ مِنْ الْحِكَمِ الْإِلَهِيّةِ الّتِي تَمْلَأُ الصّدُورَ هَيْبَةً وَتُنَوّرُ الْقُلُوبَ بِنُورِ الْمَحَبّةِ وَكَذَلِكَ مَا تَضَمّنَتْهُ الصّلَاةُ فِي شَفْعِهَا وَوِتْرِهَا وَالتّكْبِيرِ فِي أَرْكَانِهَا، وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي افْتِتَاحِهَا، وَتَخْصِيصِ الْبُقْعَةِ الْمُكَرّمَةِ بِالتّوَجّهِ إلَيْهَا، مَعَ فَوَائِدِ الْوُضُوءِ مِنْ الْأَحْدَاثِ لَهَا، فَإِنّ فِي ذَلِكَ كُلّهِ مِنْ فَوَائِدِ الْحِكْمَةِ وَلَطَائِفِ الْمَعْرِفَةِ مَا يَزِيدُ فِي ثَلْجِ الصّدُورِ وَيُكَحّلُ عَيْنَ الْبَصِيرَةِ بِالضّيَاءِ وَالنّورِ وَنَعُوذُ بِاَللهِ أَنْ نَنْزِعَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزَعِ فَلْسَفِيّ أَوْ مَقَالَةِ بِدْعِيّ أَوْ رَأْيٍ مُجَرّدٍ مِنْ دَلِيلٍ شَرْعِيّ وَلَكِنْ بِتَلْوِيحَاتِ مِنْ الشّرِيعَةِ وَإِشَارَاتٍ مِنْ الْكِتَابِ وَالسّنّةِ يُعَضّدُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَيُنَادِي بَعْضُهَا بِتَصْدِيقِ بَعْضٍ {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النّسَاءُ ٨٢] . لَكِنْ أَضْرَبْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ عَنْ بَثّ هَذِهِ الْأَسْرَارِ فَإِنّ ذَلِكَ يَخْرُجُ عَنْ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ وَيَشْغَلُ عَمّا صَمَدْنَا إلَيْهِ فِي أَوّلِ الْكِتَابِ وَوَعَدْنَا بِهِ النّاظِرَ فِيهِ مِنْ شَرْحِ لُغَاتٍ وَأَنْسَابٍ وَآدَابٍ وَاَللهُ الْمُسْتَعَانُ.

وَقَدْ عَرَفْت رُؤْيَا عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ وَكَيْفِيّتَهَا بِرِوَايَةِ ابْنِ إسْحَاقَ وَغَيْرِهِ وَلَمْ تُعْرَفْ كَيْفِيّةُ رُؤْيَا عُمَرَ حِينَ أُرِيَ النّدَاءَ وَقَدْ قَالَ قَدْ رَأَيْت مِثْلَ الّذِي رَأَى، لَكِنْ فِي مُسْنَدِ الْحَارِثِ بَيَانٌ لَهَا. رَوَى الْحَارِثُ [بْنُ أَبِي أُسَامَةَ] فِي مُسْنَدِهِ أَنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " أَوّلُ مَنْ أَذّنَ بِالصّلَاةِ جِبْرِيلُ أَذّنَ بِهَا فِي سَمَاءِ الدّنْيَا فَسَمِعَهُ عُمَرُ وَبِلَالٌ فَسَبَقَ عُمَرُ بِلَالًا إلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ بِهَا، فَقَالَ عَلَيْهِ السّلَامُ لِبِلَالِ "سَبَقَك بِهَا عُمَر "،

<<  <  ج: ص:  >  >>