قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ قَالَ لِي عَطَاءٌ سَمِعْت عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ اللّيْثِيّ يَقُولُ ائْتَمَرَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِالنّاقُوسِ لِلِاجْتِمَاعِ لِلصّلَاةِ فَبَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ خَشَبَتَيْنِ لِلنّاقُوسِ إذْ رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ فِي الْمَنَامِ لَا تَجْعَلُوا النّاقُوسَ بَلْ أَذّنُوا لِلصّلَاةِ. فَذَهَبَ عُمَرُ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ بِاَلّذِي رَأَى، وَقَدْ جَاءَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ بِذَلِكَ فَمَا رَاعَ عُمَرَ إلّا بِلَالٌ يُؤَذّنُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ قَدْ سَبَقَك بِذَلِكَ الْوَحْيُ.
مَا كَانَ يَقُوله بِلَال قبل الْأَذَان:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ، عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي النّجّارِ قَالَتْ كَانَ بَيْتِي مِنْ أَطْوَلِ بَيْتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، فَكَانَ بِلَالٌ يُؤَذّنُ عَلَيْهِ لِلْفَجْرِ كُلّ غَدَاةٍ فَيَأْتِي بِسَحَرِ فَيَجْلِسُ عَلَى الْبَيْتِ يَنْتَظِرُ الْفَجْرَ فَإِذَا رَآهُ تَمَطّى،
ــ
وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ. وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنّ عُمَرَ سَمِعَ ذَلِكَ فِي الْيَقَظَةِ وَكَذَلِكَ رُؤْيَا عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الْأَذَانِ رَآهَا، وَهُوَ بَيْنَ النّائِمِ وَالْيَقْظَانِ قَالَ وَلَوْ شِئْت لَقُلْت: كُنْت يَقْظَانًا.
فَصْلٌ: وَأَمّا قَوْلُ السّائِلِ هَلْ أَذّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ قَطّ، فَقَدْ رَوَى التّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيقٍ يَدُورُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الرّمّاحِ يَرْفَعُهُ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذّنَ فِي سَفَرٍ وَصَلّى بِأَصْحَابِهِ وَهُمْ عَلَى رَوَاحِلِهِمْ السّمَاءُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَالْبِلّةُ مِنْ أَسْفَلِهِمْ فَنَزَعَ بَعْضُ النّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ إلَى أَنّهُ أَذّنَ بِنَفْسِهِ وَأَسْنَدَهُ الدّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادِ التّرْمِذِيّ إلّا أَنّهُ لَمْ يَذْكُرْ عُمَرَ بْنَ الرّمّاحِ، وَوَافَقَهُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ إسْنَادٍ وَمَتْنٍ لَكِنّهُ قَالَ فِيهِ فَقَامَ الْمُؤَذّنُ فَأَذّنَ وَلَمْ يَقُلْ أَذّنَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُتّصِلُ يَقْضِي عَلَى الْمُجْمَلِ الْمُحْتَمَلِ وَاَللهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute