كِتْمَانُهُمْ مَا فِي التّوْرَاةِ مِنْ الْحَقّ:
وَسَأَلَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، أَخُو بَنِي سَلِمَةَ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ أَخُو بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، نَفَرًا مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ عَنْ بَعْضِ مَا فِي التّوْرَاةِ، فَكَتَمُوهُمْ إيّاهُ وَأَبَوْا أَنْ يُخْبِرُوهُمْ عَنْهُ. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِيهِمْ {إِنّ الّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [الْبَقَرَة:١٥٩]
جَوَابُهُمْ لِلنّبِيّ عَلَيْهِ الصّلَاةُ وَالسّلَامُ حِينَ دَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ:
قَالَ وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَى الْإِسْلَامِ وَرَغّبَهُمْ فِيهِ وَحَذّرَهُمْ عَذَابَ اللهِ وَنِقْمَتَهُ فَقَالَ لَهُ رَافِعُ بْنُ خَارِجَةَ، وَمَالِكُ بْنُ عَوْفٍ بَلْ نَتّبِعُ يَا مُحَمّدُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا، فَهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ وَخَيْرًا مِنّا. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزّ وَجَلّ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} [الْبَقَرَة:١٧٠]
ــ
تَعْدُو بِنَا شَطْرَ جَمْعٍ وَهِيَ عَاقِدَةٌ ... قَدْ قَارَبَ الْعِقْدَ مِنْ إيفَادِهَا الْحَقَبَا
وَأَلْفَيْت فِي حَاشِيَةِ الشّيْخِ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ مَا هَذَا نَصّهُ قَالَ مِنْ إيفَادِهَا: مِنْ إشْرَافِهَا، كَذَا قَالَ مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَرْقِيّ، وَقَالَ كَارَبَ مَوْضِعَ قَارَبَ وَوَقَعَ فِي شِعْرِ ابْنِ أَحْمَرَ:
تَغْدُو بِنَا عُرْضَ جَمْعٍ وَهِيَ مُوقِدَةٌ ... قَدْ قَارَبَ الْغَرْضُ مِنْ إيفَادِهَا الْحَقَبَا
تَعْدُو: مِنْ الْعَدْوِ بِنَا وَبِرَحْلِي: يَعْنِي غُلَامَهُ. عُرْضَ جَمْعٍ: يَعْنِي مَكّةَ، وَعَرْضُ أَحَبّ إلَيّ وَعُرْضُ كَثْرَةُ النّاسِ عَنْ الْأَصْمَعِيّ، وَمُوفِدَةٌ أَيْ مُشْرِفَةٌ. أَوْفَدَ إذَا أَشْرَفَ وَرَوَى غَيْرُهُ وَهِيَ عَاقِدَةٌ يُرِيدُ عُنُقَهَا لَاوِيَتَهَا وَالْغَرْضُ الْبِطَانُ وَهُوَ حِزَامُ الرّحْلِ. مِنْ إيفَادِهَا، أَيْ إشْرَافِهَا، وَقَدْ اقْتَادَتْ نَصَبَتْ عُنُقَهَا وَعَصَرَتْ بِذَنَبِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute