جَمْعُهُمْ فِي سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعِ
وَلَمّا أَصَابَ اللهُ عَزّ وَجَلّ قُرَيْشًا يَوْمَ بَدْرٍ جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ فِي سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعِ، حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمْ اللهُ بِمِثْلِ مَا أَصَابَ بِهِ قُرَيْشًا"، فَقَالُوا لَهُ يَا مُحَمّدُ لَا يَغُرّنّكَ مِنْ نَفْسِك أَنّك قَتَلْت نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ، كَانُوا أَغْمَارًا لَا يَعْرِفُونَ الْقِتَالَ إنّك وَاَللهِ لَوْ قَاتَلْتنَا لَعَرَفْت أَنّا نَحْنُ النّاسُ وَأَنّك لَمْ تَلْقَ مِثْلَنَا، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ {قُلْ لِلّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [آلُ عِمْرَانَ: ١٢، ١٣] .
ــ
وَتَخَامَصَتْ بِبَطْنِهَا فَقَرُبَ كُلّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرْضِ وَالْحَقَبِ مِنْ صَاحِبَهُ بِذَلِكَ. هُنَا انْتَهَى مَا كَتَبَهُ الشّيْخُ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ وَأَوْرَدْته وَقَبْلَ الْبَيْتِ
أَنْشَأْت أَسْأَلُهُ عَنْ حَالِ رُفْقَتِهِ ... فَقَالَ حَيّ فَإِنّ الرّكْبَ قَدْ نَصَبَا
مَا أَنْزَلَ اللهُ فِي بَنِي قَيْنُقَاعِ
فَصْلٌ وَذَكَرَ مَا أَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ فِي بَنِي قَيْنُقَاعِ وَقَوْلَهُمْ لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ حَارَبْتنَا، لَعَلِمْت أَنّا نَحْنُ النّاسُ {قُلْ لِلّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} إلَى قَوْلِهِ {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} [آل عمرَان:١٢، ١٣] فَمَنْ قَرَأَهُ يَرَوْنَهُمْ بِالْيَاءِ فَمَعْنَاهُ أَنّ الْكُفّارَ يَرَوْنَ الْمُؤْمِنِينَ مِثْلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا أَقَلّ مِنْهُمْ لَمّا كَثّرَهُمْ بِالْمَلَائِكَةِ. فَإِنْ قِيلَ وَكَيْفَ وَهُوَ يَقُولُ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَيُقَلّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} [لأنفال: ٤٤] قِيلَ كَانَ هَذَا قَبْلَ الْقِتَالِ عِنْدَمَا حَزَرَ الْكُفّارُ الْمُؤْمِنِينَ فَرَأَوْهُمْ قَلِيلًا، فَتَجَاسَرُوا عَلَيْهِمْ ثُمّ أَمَدّهُمْ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ فَرَأَوْهُمْ كَثِيرًا فَانْهَزَمُوا، وَقِيلَ إنّ الْهَاءَ فِي يَرَوْنَهُمْ عَائِدَةٌ عَلَى الْكُفّارِ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ رَأَوْهُمْ مِثْلَيْهِمْ وَكَانُوا ثَلَاثَةَ أَمْثَالِهِمْ فَقَلّلَهُمْ فِي عُيُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمّا مَنْ قَرَأَهَا بِالتّاءِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِلْيَهُودِ أَيْ تَرَوْنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ مِثْلَيْ الْمُؤْمِنِينَ وَذَلِكَ أَنّهُمْ كَانُوا أَلْفًا، فَانْخَذَلَ عَنْهُمْ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ بِبَنِي زُهْرَةَ فَصَارُوا سَبْعَمِائَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute