شَيْءٍ قَدِيرٌ} أَيْ يَوْمَ فَرّقْت فِيهِ بَيْنَ الْحَقّ وَالْبَاطِلِ بِقُدْرَتِي {يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} مِنْكُمْ وَمِنْهُمْ {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدّنْيَا} مِنْ الْوَادِي {وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} مِنْ الْوَادِي إلَى مَكّةَ " {وَالرّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} أَيْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ الّتِي خَرَجْتُمْ لِتَأْخُذُوهَا وَخَرَجُوا لِيَمْنَعُوهَا مِنْ غَيْرِ مِيعَادٍ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ مِيعَادٍ مَعَكُمْ وَمَعَهُمْ ثُمّ بَلَغَكُمْ كَثْرَةُ عَدَدِهِمْ وَقِلّةُ عَدَدِكُمْ مَا لَقِيتُمُوهُمْ {وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} أَيْ لِيَقْضِيَ مَا أَرَادَ بِقُدْرَتِهِ مِنْ إعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ وَإِذْلَالِ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ عَنْ غَيْرِ بَلَاءٍ مِنْكُمْ. فَفَعَلَ مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ بِلُطْفِهِ ثُمّ قَالَ: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيّ عَنْ بَيّنَةٍ وَإِنّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الْأَنْفَال:٤٢] أَيْ لِيَكْفُرَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ الْحُجّةِ لِمَا رَأَى مِنْ الْآيَةِ وَالْعِبْرَةِ وَيُؤْمِنُ مَنْ آمَنَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ.
مَا نَزَلَ فِي لُطْفِ اللهِ بِالرّسُولِ
ثُمّ ذَكَرَ لُطْفَهُ بِهِ وَكَيْدَهُ لَهُ ثُمّ قَالَ {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنّ اللهَ سَلّمَ إِنّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُورِ} فَكَانَ مَا أَرَاك مِنْ ذَلِكَ نِعْمَةً مِنْ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ شَجّعَهُمْ بِهَا عَلَى عَدُوّهِمْ وَكَفّ بِهَا عَنْهُمْ مَا تُخُوّفَ عَلَيْهِمْ مِنْ ضَعْفِهِمْ لِعِلْمِهِ بِمَا فِيهِمْ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تُخُوّفَ مُبْدَلَةٌ مِنْ كَلِمَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ إسْحَاقَ وَلَمْ أَذْكُرْهَا {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ
ــ
وَأَطَاحَتْ مَا عَلَيْهَا، وَلَمْ يَرُدّهَا شَيْءٌ دُونَ الْبَلَدِ الّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ وَكَذَلِكَ مَا ظَهَرَ مِنْ فَتْحِ اللهِ وَنَصْرِهِ عَلَى يَدَيْ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ بِإِفْرِيقِيّةَ وَالْأَنْدَلُسِ فَقَدْ كَانَ فِي ذَلِكَ أَعْجَبُ الْعَجَبِ فَكَانَ وَعْدُ اللهِ مَفْعُولًا وَنَصْرُهُ الْمُسْلِمِينَ نَاجِزًا، وَالْحَمْدُ لِلّهِ.
وَقَالَ النّقّاشُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute