مَفْعُولاً} [الْأَنْفَال:٤٤] أَيْ لِيُؤَلّفَ بَيْنَهُمْ عَلَى الْحَرْبِ لِلنّقْمَةِ مِمّنْ أَرَادَ الِانْتِقَامَ مِنْهُ وَالْإِنْعَامَ عَلَى مَنْ أَرَادَ إتْمَامَ النّعْمَةِ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ.
مَا نَزَلَ فِي وَعْظِ الْمُسْلِمِينَ وَتَعْلِيمِهِمْ خُطَطَ الْحَرْبِ
ثُمّ وَعَظَهُمْ وَفَهّمَهُمْ وَأَعْلَمَهُمْ الّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَسِيرُوا بِهِ فِي حَرْبِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً} تُقَاتِلُونَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزّ وَجَلّ {فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا} الّذِي لَهُ بَذَلْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَالْوَفَاءَ لَهُ بِمَا أَعْطَيْتُمُوهُ مِنْ بَيْعَتِكُمْ {لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} أَيْ لَا تَخْتَلِفُوا فَيَتَفَرّقُ أَمْرُكُمْ {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أَيْ وَتَذْهَبَ حِدّتُكُمْ {وَاصْبِرُوا إِنّ اللهَ مَعَ الصّابِرِينَ} أَيْ إنّي مَعَكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ {وَلَا تَكُونُوا كَالّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النّاسِ} أَيْ لَا تَكُونُوا كَأَبِي جَهْلٍ وَأَصْحَابِهِ الّذِينَ قَالُوا: لَا نَرْجِعُ حَتّى نَأْتِيَ بَدْرًا فَنَنْحَرَ بِهَا الْجُزُرَ وَتُسْقَى بِهَا الْخَمْرُ وَتُعْزَفُ عَلَيْنَا فِيهَا الْقِيَانُ وَتَسْمَعُ الْعَرَبُ: أَيْ لَا يَكُونُ أَمْرُكُمْ رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَلَا الْتِمَاسَ مَا عِنْدَ النّاسِ وَأَخْلِصُوا لِلّهِ النّيّةَ وَالْحِسْبَةَ فِي نَصْرِ دِينِكُمْ وَمُوَازَرَةِ نَبِيّكُمْ لَا تَعْمَلُوا إلّا لِذَلِكَ وَلَا تَطْلُبُوا غَيْرَهُ.
ثُمّ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ زَيّنَ لَهُمُ الشّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ
ــ
مِائَتَيْنِ} [الْأَنْفَال:٦٥] مَعْنَاهُ إنْ يَصْبِرُوا يَغْلِبُوا، وَغَلَبَتُهُمْ لَيْسَ بِأَنْ يُسْلِمُوا كُلّهُمْ وَلَكِنْ مَنْ سَلِمَ مِنْهُمْ رَأَى غَلَبَةَ أَهْلِ دِينِهِ وَظُهُورَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَلَا يَقْدَحُ فِي وَعْدِ اللهِ أَنْ يَسْتَشْهِدَ جُمْلَةٌ مِنْ الصّابِرِينَ وَإِنّمَا هَذَا كَقَوْلِهِ {قَاتِلُوا الّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللهِ} إلَى قَوْلِهِ {حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} فَقَدْ نُجِزَ الْمَوْعُودُ وَغَلَبُوا كَمَا وُعِدُوا. هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ وَاَلّذِي قَدّمْنَاهُ أَبْيَنُ.
الّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فِي بَدْرٍ
وَفِي هَذِهِ السّورَةِ قَوْلُهُ {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ مَكّةَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا، ثُمّ خَرَجُوا مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute