للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي مُحَمّدٌ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نُصِرْت بِالرّعْبِ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأُعْطِيت جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَأُحِلّتْ لِي الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلّ لِنَبِيّ كَانَ قَبْلِي، وَأُعْطِيت الشّفَاعَةَ خَمْسٌ لَمْ يُؤْتَهُنّ نَبِيّ قَبْلِي\"

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَقَال {مَا كَانَ لِنَبِيّ} أَيْ قَبْلَك {أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} مِنْ عَدُوّهِ {حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} أَيْ يُثْخِنَ عَدُوّهُ حَتّى يَنْفِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدّنْيَا} أَيْ الْمَتَاعَ الْفِدَاءَ بِأَخْذِ الرّجَالِ {وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} أَيْ قَتْلَهُمْ لِظُهُورِ الدّينِ الّذِي يُرِيدُ إظْهَارَهُ وَاَلّذِي تُدْرَكُ بِهِ الْآخِرَةُ {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} أَيْ مِنْ الْأُسَارَى وَالْمَغَانِمِ {عَذَابٌ عَظِيمٌ} أَيْ لَوْلَا أَنّهُ سَبَقَ مِنّي أَنّي لَا أُعَذّبُ إلّا بَعْدَ النّهْيِ وَلَمْ يَكُ نَهَاهُمْ لَعَذّبْتُكُمْ فِيمَا صَنَعْتُمْ ثُمّ أَحَلّهَا لَهُ

ــ

بَكْرٍ بِالْإِبْقَاءِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ ثُمّ نَزَلَتْ الْآيَةُ {فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً} [الْأَنْفَال:٦٩] وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ " لَمّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَأَخَذَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُسَارَى، فَقَالَ "مَاذَا تَرَوْنَ"؟ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللهِ كَذّبُوك وَأَخْرَجُوك، اضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنْتَ بِوَادٍ كَثِيرِ الْحَطَبِ فَأَضْرِمْهُ نَارًا، ثُمّ أَلْقِهِمْ فِيهَا، فَقَالَ الْعَبّاسُ قَطَعَ اللهُ رَحِمَك، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ عِتْرَتُك، وَأَصْلُك وَقَوْمُك تَجَاوَزْ عَنْهُمْ يَسْتَنْقِذْهُمْ اللهُ بِك مِنْ النّارِ ثُمّ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ الْقَوْلُ مَا قَالَ عُمَرُ وَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ الْقَوْلُ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَخَرَجَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ "مَا قَوْلُكُمْ فِي هَذَيْنِ الرّجُلَيْنِ إنّ مَثَلَهُمَا كَمَثَلِ إخْوَةٍ لَكُمْ كَانُوا قَبْلَكُمْ قَالَ نُوحٌ {رَبّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ} [نوح:٢٦] الْآيَةَ وَقَالَ مُوسَى: {رَبّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} [يُونُس:٨٨] الْآيَةَ وَقَالَ عِيسَى: {إِنْ تُعَذّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [الْمَائِدَة:١١٨] الْآيَةَ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [ابراهيم:٣٦] الْآيَةَ. وَإِنّ اللهَ يُشَدّدُ قُلُوبَ رِجَالٍ حَتّى تَكُونَ كَالْحَجَرِ وَيُلِينُ قُلُوبَ رِجَالٍ حَتّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنْ اللّبَنِ" وَيُرْوَى مِنْ اللّينِ وَإِنّ بِكُمْ عِيلَةً فَلَا يَفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلّا

<<  <  ج: ص:  >  >>