وَلَهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ وَعَائِدَةً مِنْ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ. فَقَالَ {فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيّبًا وَاتّقُوا اللهَ إِنّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ثُمّ قَالَ {يَا أَيّهَا النّبِيّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [لأنفال:٦٧-٦٩]
ــ
بِفِدَاءِ أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ. قَالَ عَبْدُ اللهِ [بْنُ مَسْعُودٍ] : فَقُلْت: إلّا سَهْلَ ابْنَ بَيْضَاءَ وَقَدْ كُنْت سَمِعْته يَذْكُرُ الْإِسْلَامَ قَالَ فَجَعَلْت أَنْظُرُ إلَى السّمَاءِ مَتَى تَقَعُ عَلَيّ الْحِجَارَةُ فَقُلْت: أُقَدّمُ الْقَوْلَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ فَقَالَ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – "إلّا سُهَيْلَ ابْنَ بَيْضَاءَ" فَفَرِحْت بِذَلِكَ "، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَمّا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْمَغَازِي، فَإِنّهُمْ يَقُولُونَ إنّمَا هُوَ سَهْلُ ابْنُ بَيْضَاءَ أَخُو سُهَيْلٍ فَأَمّا، سُهَيْلٌ فَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَقَدْ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدْرًا، ثُمّ إنّ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْدِ بَعْدَهَا بِمَالِ إنّمَا كَانَ يَمُنّ أَوْ يُفَادِي أَسِيرًا بِأَسِيرِ كَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَذَلِكَ وَاَللهُ أَعْلَمُ لِقَوْلِهِ {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} [الْأَنْفَال:٦٧] يَعْنِي الْفِدَاءَ بِالْمَالِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحَلّ ذَلِكَ وَطَيّبَهُ، وَلَكِنْ مَا فَعَلَهُ الرّسُولُ بَعْدَ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَنّ أَوْ الْمُفَادَاةِ بِالرّجَالِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {فَإِمّا مَنّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [مُحَمَّد:٤] كَيْفَ قَدّمَ الْمَنّ عَلَى الْفِدَاءِ فَلِذَلِكَ اخْتَارَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدّمَهُ وَأَمّا مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا، فَالْأَوْزَاعِيّ وَسُفْيَانُ وَمَالِكٌ يَكْرَهُونَ أَخْذَ الْمَالِ فِي الْأَسِيرِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَقْوِيَةِ الْعَدُوّ بِالرّجَالِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصّغِيرِ إذَا كَانَ مَعَهُ أُمّهُ فَأَجَازَ فِدَاءَهُ بِالْمَالِ أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَالصّحِيحُ مَنْعُهُ وَكَانَ الْعَبّاسُ عَمّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَسْرَى، فَفَدَى نَفْسَهُ وَفَدَى ابْنَيْ أَخِيهِ فَقَالَ لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ تَرَكْتنِي أَتَكَفّفُ قُرَيْشًا فَقِيرًا مُعْدِمًا، فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَيْنَ الذّهَبُ الّتِي تَرَكْتهَا عِنْدَ أُمّ الْفَضْلِ وَعَدَدُهَا كَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute