"خَرَجْت مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى غَزْوَةِ ذَاتِ الرّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ، عَلَى جَمَلٍ لِي ضَعِيفٍ فَلَمّا قَفَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جَعَلَتْ الرّفَاقُ تَمْضِي، وَجَعَلْت أَتَخَلّفُ حَتّى أَدْرَكَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ " مَا لَك يَا جَابِرُ؟ " قَالَ قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ أَبْطَأَنِي جَمَلِي هَذَا ; قَالَ " أَنِخْهُ " ; قَالَ فَأَنَخْته، وَأَنَاخَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمّ قَالَ " أَعْطِنِي هَذِهِ الْعَصَا مِنْ يَدِك، أَوْ اقْطَعْ لِي عَصَا مِنْ شَجَرَةٍ " ; قَالَ فَفَعَلْت. قَالَ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَخَسَهُ بِهَا نَخَسَاتٍ ثُمّ قَالَ " ارْكَبْ "، فَرَكِبْت، فَخَرَجَ وَاَلّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقّ يُوَاهِقُ نَاقَتَهُ مُوَاهَقَةً.
ــ
فَخرج يُوَاهِقُ نَاقَتَهُ مُوَاهَقَةً. الْمُوَاهَقَةُ كَالْمُسَابَقَةِ وَالْمُجَارَاةِ وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ لِأَوْسِ بْنِ حَجَرٍ
تُوَاهِقُ رِجْلَاهَا يَدَاهَا وَرَأْسُهُ ... لَهَا قَتَبٌ خَلْفَ الْحَقِيبَةِ رَادِفُ
رَفَعَ يَدَاهَا وَرِجْلَاهَا رَفْعَ الْفَاعِلِ لِأَنّ الْمُوَاهَقَةَ لَا تَكُونُ إلّا مِنْ اثْنَيْنِ فَكُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَاعِلٌ فِي الْمَعْنَى كَمَا ذَكَرُوا فِي قَوْلِ الرّاجِزِ
قَدْ سَالَمَ الْحَيّاتُ مِنْهُ الْقَدَمَا ... الْأُفْعُوَانَ وَالشّجَاعَ الشّجْعَمَا
[وَذَاتَ قَرْنَيْنِ ضَمُورًا ضِرْزِمَا]
هَكَذَا تَأَوّلَهُ سِيبَوَيْهِ، وَلَعَلّ هَذَا الشّاعِرَ كَانَ مِنْ لُغَتِهِ أَنْ يَجْعَلَ التّثْنِيَةَ بِالْأَلِفِ فِي الرّفْعِ وَالنّصْبِ وَالْخَفْضِ كَمَا قَالَ:
تَزَوّدْ مِنّا بَيْنَ أُذُنَاهُ طَعْنَةً ... دَعَتْهُ إلَى هَابِي التّرَابِ عَقِيمِ
وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute