للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ وَتَحَدّثْت مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: " أَتَبِيعُنِي جَمَلَك هَذَا يَا جَابِرُ؟ " قَالَ قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ بَلْ أَهَبُهُ لَك ; قَالَ "لَا، وَلَكِنْ بِعْنِيهِ"، قَالَ قُلْت: فَسُمْنِيهِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ " قَدْ أَخَذْته بِدِرْهَمِ "؟ قَالَ قُلْت: لَا، إذَنْ تَغْبِنُنِي يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ " فَبِدِرْهَمَيْنِ "، قَالَ قُلْت: لَا. قَالَ فَلَمْ يَزَلْ يَرْفَعُ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَمَنِهِ حَتّى

ــ

قَدْ بَلَغَا فِي الْمَجْدِ غَايَتَاهَا

وَهِيَ لُغَةُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. وَقَالَ النّحّاسُ فِي الْكِتَابِ الْمُقْنِعِ هِيَ أَيْضًا لُغَةٌ لِخَثْعَمَ وَطَيّئٍ وَأَبْطُنٍ مِنْ كِنَانَةَ، وَالْبَيْتُ أَعْنِي: تُوَاهِقُ رِجْلَاهَا يَدَاهَا، هُوَ لِأَوْسِ بْنِ حَجَرٍ الْأَسَدِيّ وَلَيْسَ مِمّنْ هَذِهِ لُغَتُهُ فَالْبَيْتُ إِذا عَلَى مَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ.

مُسَاوَمَةُ جَابِرٍ فِي جَمَلِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْفِقْهِ

وَذَكَرَ مُسَاوَمَةَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَابِرِ فِي الْجَمَلِ حَتّى اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأُوقِيّةِ وَأَنّهُ أَعْطَاهُ أَوّلًا دِرْهَمًا، فَقَالَ لَا إذَا تَغْبِنُنِي يَا رَسُولَ اللهِ فَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ الدّرْهَمَ مَازِحًا، فَقَدْ كَانَ يَمْزَحُ وَلَا يَقُولُ إلّا حَقّا، فَإِذَا كَانَ حَقّا، فَفِيهِ مِنْ الْفِقْهِ إبَاحَةُ الْمُكَايَسَةِ الشّدِيدَةِ فِي الْبَيْعِ وَأَنْ يُعْطِيَ فِي السّلْعَةِ مَا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لَهَا بِنَصّ الْحَدِيثِ وَفِي دَلِيلِهِ أَنّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِمَا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَهَا ثَمَنًا، وَهُوَ عَاقِلٌ بَصِيرٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْعِ تَدْلِيسٌ عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْعٌ مَاضٍ لَا رُجُوعَ فِيهِ وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ أَنّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُ كُلّمَا زَادَ لَهُ دِرْهَمًا قَدْ أَخَذْته بِكَذَا وَاَللهُ يَغْفِرُ لَك، فَكَأَنّهُ عَلَيْهِ السّلَامُ أَرَادَ بِإِعْطَائِهِ إيّاهُ دِرْهَمًا دِرْهَمًا أَنْ يُكْثِرَ اسْتِغْفَارَهُ لَهُ وَفِي جَمَلِ جَابِرٍ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>