وَسَادَتِهَا حَتّى أَنْزَلْتهمْ بِذَنَبِ نَقْمَى إلَى جَانِبِ أُحُدٍ، قَدْ عَاهَدُونِي وَعَاقَدُونِي عَلَى أَنْ لَا يَبْرَحُوا حَتّى نَسْتَأْصِلَ مُحَمّدًا وَمَنْ مَعَهُ. قَالَ فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ جِئْتنِي وَاَللهِ بِذُلّ الدّهْرِ وَبِجَهَامِ قَدْ هَرَاقَ مَاءَهُ فَهُوَ يُرْعِدُ وَيُبْرِقُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ وَيْحَك يَا حُيَيّ فَدَعْنِي وَمَا أَنَا عَلَيْهِ فَإِنّي لَمْ أَرَ مِنْ مُحَمّدٍ إلّا صِدْقًا وَوَفَاءً. فَلَمْ يَزَلْ حُيَيّ بِكَعْبِ يَفْتِلُهُ فِي الذّرْوَةِ وَالْغَارِبِ حَتّى سَمَحَ لَهُ عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ عَهْدًا [مِنْ اللهِ] وَمِيثَاقًا: لَئِنْ رَجَعَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ، وَلَمْ يُصِيبُوا مُحَمّدًا أَنْ أَدْخُلَ مَعَك فِي حِصْنِك حَتّى يُصِيبَنِي مَا أَصَابَك. فَنَقَضَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ عَهْدَهُ وَبَرِئَ مِمّا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
تحري الرَّسُول عَنْ نَقْضِ كَعْبٍ لِلْعَهْدِ
فَلَمّا انْتَهَى إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَرُ وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذِ بْنِ النّعْمَانِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيّدُ الْأَوْسِ، وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بَنِي دُلَيْمٍ أَحَدَ بَنِي سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيّدُ الْخَزْرَجِ وَمَعَهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، أَخُو بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَخَوّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ; فَقَالَ "انْطَلِقُوا حَتّى تَنْظُرُوا، أَحَقّ مَا بَلَغَنَا عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ حَقّا فَالْحَنُوا لِي لَحْنًا أَعْرِفُهُ وَلَا تَفُتّوا فِي أَعْضَادِ النّاسِ وَإِنْ كَانُوا عَلَى الْوَفَاءِ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَاجْهَرُوا بِهِ لِلنّاسِ". قَالَ فَخَرَجُوا حَتّى أَتَوْهُمْ فَوَجَدُوهُمْ عَلَى أَخْبَثِ مَا بَلَغَهُمْ عَنْهُمْ نَالُوا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: مَنْ رَسُولُ اللهِ؟ لَا عَهْدَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمّدٍ
ــ
اللّحْنُ
وَذَكَرَ قَوْلَ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – "الْحَنُوا لِي لَحْنًا أَعْرِفُهُ وَلَا تَفُتّوا فِي أَعْضَادِ النّاسِ"
اللّحْنُ الْعُدُولُ بِالْكَلَامِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ النّاسِ إلَى وَجْهٍ لَا يَعْرِفُهُ إلّا صَاحِبُهُ كَمَا أَنّ اللّحْنَ الّذِي هُوَ الْخَطَأُ عُدُولٌ عَنْ الصّوَابِ الْمَعْرُوفِ.
قَالَ السّيرَافِيّ: مَا عَرَفْت حَقِيقَةَ مَعْنَى النّحْوِ إلّا مِنْ مَعْنَى اللّحْنِ الّذِي هُوَ ضِدّهُ فَإِنّ اللّحْنَ عُدُولٌ عَنْ طَرِيقِ الصّوَابِ وَالنّحْوُ قَصْدٌ إلَى الصّوَابِ وَأَمّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute