وَلَا عَقْدَ. فَشَاتَمَهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَشَاتَمُوهُ وَكَانَ رَجُلًا فِيهِ حِدّةٌ فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: دَعْ عَنْك مُشَاتَمَتَهُمْ فَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَرْبَى مِنْ الْمُشَاتَمَةِ. ثُمّ أَقْبَلَ سَعْدٌ وَسَعْدٌ وَمَنْ مَعَهُمَا، إلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلّمُوا عَلَيْهِ ثُمّ قَالُوا: "عَضَلٌ وَالْقَارَةُ"، أَيْ كَغَدْرِ
ــ
اللّحَنُ بِفَتْحِ الْحَاءِ فَأَصْلُهُ مِنْ هَذَا إلّا أَنّهُ إذَا لَحَنَ لَك لِتَفْهَمَ عَنْهُ فَفَهِمْت سُمّيَ ذَلِكَ الْفَهْمُ لَحَنًا، ثُمّ قِيلَ لِكُلّ مَنْ فَهِمَ قَدْ لَحِنَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَأَصْلُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْفَهْمِ عَنْ اللّاحِنِ
قَالَ الْجَاحِظُ فِي قَوْلِ مَالِكِ بْنِ أَسْمَاءَ [بْنِ خَارِجَةَ الْفَزَارِيّ] :
مَنْطِقٌ صَائِبٌ وَتَلْحَنُ أَحْيَا ... نَا وَخَيْرُ الْحَدِيثِ مَا كَانَ لَحْنَا
أَرَادَ أَنّ اللّحْنَ الّذِي هُوَ الْخَطَأُ قَدْ يُسْتَمْلَحُ وَيُسْتَطَابُ مِنْ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السّنّ وَخُطّئَ الْجَاحِظُ فِي هَذَا التّأْوِيلِ وَأُخْبِرَ بِمَا قَالَهُ الْحَجّاجُ بْنُ يُوسُفَ لِامْرَأَتِهِ هِنْدِ بِنْتِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ حِينَ لَحَنَتْ فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا، اللّحْنَ فَاحْتَجّتْ بِقَوْلِ أَخِيهَا مَالِكِ بْنِ أَسْمَاءَ
وَخَيْرُ الْحَدِيثِ مَا كَانَ لَحْنًا
فَقَالَ لَهَا الْحَجّاجُ لَمْ يُرِدْ أَخُوك هَذَا، إنّمَا أَرَادَ اللّحْنَ الّذِي هُوَ التّوْرِيَةُ وَالْإِلْغَازُ فَسَكَتَتْ فَلَمّا حُدّثَ الْجَاحِظُ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ لَوْ كَانَ بَلَغَنِي هَذَا قَبْلَ أَنْ أُؤَلّفَ كِتَابَ الْبَيَانِ مَا قُلْت فِي ذَلِكَ مَا قُلْت، فَقِيلَ لَهُ أَفَلَا تُغَيّرُهُ؟ فَقَالَ كَيْفَ وَقَدْ سَارَتْ بِهِ الْبِغَالُ الشّهْبُ وَأَنْجَدَ فِي الْبِلَادِ وَغَارَ.
وَكَمَا قَالَ الْجَاحِظُ فِي مَعْنَى تَلْحَنُ أَحْيَانًا قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ مِثْلَهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute