طريقهم إِلَيْهِم ثمَّ رُجُوعه عَنْهُم:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
فَسَلَكَ عَلَى غُرَابٍ، جَبَلٍ بِنَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ عَلَى طَرِيقِهِ إلَى الشّامِ، ثُمّ عَلَى مَحِيصٍ، ثُمّ عَلَى الْبَتْرَاءِ، ثُمّ صَفّقَ ذَاتَ الْيَسَارِ فَخَرَجَ عَلَى بِينٍ ثُمّ عَلَى صُخَيْرَاتِ الْيَمَامِ، ثُمّ اسْتَقَامَ بِهِ الطّرِيقُ عَلَى الْمَحَجّةِ مِنْ طَرِيقِ مَكّةَ، فَأَغَذّ السّيْرَ سَرِيعًا، حَتّى نَزَلَ عَلَى غُرَانٍ، وَهِيَ مَنَازِلُ بَنِي لِحْيَانَ، وَغُرَانٌ وَادٍ بَيْنَ آمَجَ وَعُسْفَانَ، إلَى بَلَدٍ يُقَالُ لَهُ سَايَةُ، فَوَجَدَهُمْ قَدْ حَذِرُوا وَتَمَنّعُوا فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ. فَلَمّا نَزَلَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْطَأَهُ مِنْ غِرّتِهِمْ مَا أَرَادَ قَالَ "لَوْ أَنّا هَبَطْنَا عُسْفَانَ لَرَأَى أَهْلُ مَكّةَ أَنّا قَدْ جِئْنَا مَكّةَ" فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتّى نَزَلَ عُسْفَانَ، ثُمّ بَعَثَ فَارِسَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتّى بَلَغَا كُرَاعَ الْغَمِيمِ، ثُمّ كَرّ وَرَاحَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَافِلًا.
مقَالَة الرَّسُول فِي رُجُوعه:
فَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ:
سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ وَجّهَ رَاجِعًا: "آيِبُونَ تَائِبُونَ إنْ شَاءَ اللهُ لِرَبّنَا حَامِدُونَ أَعُوذُ بِاَللهِ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْل وَالْمَال"
شعر كَعْب فِي غَزْوَةِ بني لحيان:
والْحَدِيث فِي غَزْوَة بَنِي لِحْيَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فِي غَزْوَةِ بَنِي لِحْيَانَ.
لَوْ أَنّ بَنِي لِحْيَانَ كَانُوا تَنَاظَرُوا ... لَقُوا عُصَبًا فِي دَارِهِمْ ذَاتَ مَصْدَقِ
لَقُوا سَرَعَانًا يَمْلَأ السّرْبَ رَوْعُهُ ... أَمَامَ طَحُونٍ كَالْمَجَرّةِ فَيْلَقِ
ــ
سَرَعَانُ النّاسِ سُبّاقُهُمْ وَالسّرْبُ الْمَالُ الرّاعِي، كَأَنّهُ جَمْعُ سَارِبٍ وَيُقَالُ هُوَ آمِنٌ فِي سَرْبِهِ إذَا لَمْ يُذْعَرْ وَلَا خَافَ عَلَى مَالِهِ مِنْ الْغَارَةِ وَمَنْ قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute