وَلَكِنّهُمْ كَانُوا وِبَارًا تَتَبّعَتْ ... شِعَابَ حِجَازٍ غَيْرَ ذِي متنفق
ــ
سِرْبِهِ بِكَسْرِ السّينِ فَهُوَ مَثَلٌ لِأَنّ السّرْبَ هُوَ الْقَطِيعُ مِنْ الْوَحْشِ وَالطّيْرِ فَمَعْنَى: آمِنٌ فِي سِرْبِهِ أَيْ لَمْ يُذْعَرْ هُوَ نَفْسُهُ وَلَا ذُعِرَ أَهْلُهُ وَلِهَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ اللّغَةِ مَعْنَى فِي سِرْبِهِ أَيْ فِي نَفْسِهِ لَمْ يُرِدْ أَنّ النّفْسَ يُقَالُ لَهَا: سِرْبٌ وَإِنّمَا أَرَادَ أَنّهُ لَمْ يُذْعَرْ هُوَ وَلَا مَنْ مَعَهُ لَا كَالْآخَرِ الّذِي تَقَدّمَ ذِكْرُهُ وَقِيلَ فِيهِ آمِنٌ فِي سَرْبِهِ بِفَتْحِ السّينِ فَكَانَ الْوَاحِدُ آمِنٌ فِي مَالِهِ وَالْآخَرُ آمِنٌ فِي نَفْسِهِ وَيُقَالُ فِي سَرْبِهِ أَيْ فِي طَرِيقِهِ أَيْضًا.
وَقَوْلُهُ
أَمَامَ طَحُونٍ كَالْمَجَرّةِ فَيْلَقِ
يَعْنِي: كَتِيبَةً جَعَلَهَا كَالْمَجَرّةِ لِلَمَعَانِ السّيُوفِ وَالْأَسِنّةِ فِيهَا كَالنّجُومِ حَوْلَ الْمَجَرّةِ لِأَنّ النّجُومَ - وَأَكْثَرَ مَا تَكُونُ - حَوْلَهَا، وَقَدْ قِيلَ إنّ الْمَجَرّةَ نَفْسَهَا نُجُومٌ صِغَارٌ مُتَلَاصِقَةٌ فَبَيَاضُ الْمَجَرّةِ مِنْ بَيَاضِ تِلْكَ النّجُومِ وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ مُنْقَطِعٍ أَنّ الْمَجَرّةَ الّتِي فِي السّمَاءِ هِيَ مِنْ لُعَابِ حَيّةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ وَفِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنّ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ قَالَ لَهُ " إنّك سَتَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ يَسْأَلُونَك عَنْ الْمَجَرّةِ فَقُلْ لَهُمْ هِيَ مِنْ عَرَقِ الْأَفْعَى الّتِي تَحْتَ الْعَرْشِ" لَكِنّ إسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ النّقْلِ لَا يُعَرّجُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيّ، وَعَنْ عَلِيّ أَنّهَا شَرَجُ السّمَاءِ الّذِي تَنْشَقّ مِنْهُ وَأَمّا قَوْلُ الْمُنَجّمِينَ غَيْرِ الْإِسْلَامِيّينَ فِي مَعْنَى الْمَجَرّةِ فَذَكَرَ لَهُمْ الْقَاضِي فِي النّقْضِ الْكَبِيرِ نَحْوًا مِنْ عَشَرَةِ أَقْوَالٍ وَأَكْثَرَ مِنْهَا مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute