إذْ يَهْتَدُونَ بِجَعْفَرِ وَلِوَائِهِ ... قُدّامَ أَوّلِهِمْ فَنِعْمَ الْأَوّلُ
حَتّى تَفَرّجَتْ الصّفُوفُ وَجَعْفَرٌ ... حَيْثُ الْتَقَى وَعْثُ الصّفُوفِ مُجَدّلُ
فَتَغَيّرَ الْقَمَرُ الْمُنِيرُ لِفَقْدِهِ ... وَالشّمْسُ قَدْ كَسَفَتْ وَكَادَتْ تَأْفِلُ
قَرْمٌ عَلَا بُنْيَانُهُ مِنْ هَاشِمٍ ... فَرْعًا أَشَمّ وَسُؤْدُدًا مَا يُنْقَلُ
قَوْمٌ بِهِمْ عَصَمَ الْإِلَهُ عِبَادَهُ ... وَعَلَيْهِمْ نَزَلَ الْكِتَابُ الْمُنْزَلُ
لَا يُطْلِقُونَ إلَى السّفَاهِ حُبَاهُمْ ... وَيُرَى خَطِيبُهُمْ بِحَقّ يَفْصِلُ
بِيضُ الْوُجُوهِ تُرَى بُطُونُ أَكُفّهُمْ ... تَنْدَى إذَا اعْتَذَرَ الزّمَانُ الْمُمْحِلُ
وَبِهَدْيِهِمْ رَضِيَ الْإِلَهُ لِخَلْقِهِ ... وَبِجَدّهِمْ نُصِرَ النّبِيّ الْمُرْسَلُ
ــ
وَقَوْلُهُ
قَوْلُهُ حَقّ، لِأَنّهُ إنْ كَانَ عَنَا بِالْقَمَرِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ قَمَرًا، ثُمّ جَعَلَهُ شَمْسًا، فَقَدْ كَانَ تَغَيّرَ بِالْحُزْنِ لِفَقْدِ جَعْفَرٍ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ الْقَمَرَ نَفْسَهُ فَمَعْنَى الْكَلَامِ وَمَغْزَاهُ حَقّ أَيْضًا، لِأَنّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ تَعْظِيمُ الْحُزْنِ وَالْمُصَابِ وَإِذَا فُهِمَ مَغْزَى الشّاعِرِ فِي كَلَامِهِ وَالْمُبَالِغُ فِي الشّيْءِ فَلَيْسَ بِكَذِبِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ أَمّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ أَرَادَ بِهِ الْمُبَالَغَةَ فِي شِدّةِ أَدَبِهِ لِأَهْلِهِ فَكَلَامُهُ كُلّهُ حَقّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي مِثْلِ قَوْلِ الشّاعِرِ [طُفَيْلٍ الْغَنَوِيّ]
إذَا مَا غَضِبْنَا غَضْبَةً مُضَرِيّةً ... هَتَكْنَا حِجَابَ الشّمْسِ أَوْ قَطَرَتْ دَمًا
قَالَ إنّمَا أَرَادَ فَعَلْنَا فِعْلَةً شَنِيعَةً عَظِيمَةً فَضَرَبَ الْمَثَلَ بِهَتْكِ حِجَابِ الشّمْسِ وَفُهِمَ مَقْصِدُهُ فَلَمْ يَكُنْ كَذِبًا، وَإِنّمَا الْكَذِبُ أَنْ يَقُولَ فَعَلْنَا، وَهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا، وَقَتَلْنَا وَهُمْ لَمْ يَقْتُلُوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute