للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَارِفِنَا مَا يُغَدّيهِ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ يُغَذّيهِ - وَلَكِنّا كُنّا نَرْجُو الْغَيْثَ وَالْفَرَجَ فَخَرَجْت عَلَى أَتَانِي تِلْكَ فَلَقَدْ أَدَمْت بِالرّكْبِ حَتّى شَقّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ضَعْفًا وَعَجَفًا، حَتّى قَدِمْنَا مَكّةَ نَلْتَمِسُ الرّضَعَاءَ فَمَا مِنّا امْرَأَةٌ إلّا وَقَدْ عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَأْبَاهُ إذَا قِيلَ لَهَا إنّهُ يَتِيمٌ وَذَلِكَ أَنّا إنّمَا كُنّا نَرْجُو الْمَعْرُوفَ مِنْ أَبِي الصّبِيّ فَكُنّا نَقُولُ يَتِيمٌ وَمَا عَسَى أَنْ تَصْنَعَ أُمّهُ وَجَدّهُ فَكُنّا نَكْرَهُهُ لِذَلِكَ فَمَا بَقِيَتْ امْرَأَةٌ قَدِمَتْ مَعِي إلّا أَخَذَتْ رَضِيعًا غَيْرِي، فَلَمّا أَجْمَعْنَا الِانْطِلَاقَ قُلْت لِصَاحِبِي: وَاَللهِ إنّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَرْجِعَ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِي وَلَمْ آخُذْ رَضِيعًا، وَاَللهِ لَأَذْهَبَنّ إلَى ذَلِكَ الْيَتِيمِ فَلَآخُذَنّهُ قَالَ لَا عَلَيْك أَنْ تَفْعَلِي، عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا فِيهِ بَرَكَةً. قَالَتْ: فَذَهَبْت إلَيْهِ فَأَخَذْته، وَمَا حَمَلَنِي عَلَى أَخْذِهِ إلّا أَنّي لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ. قَالَتْ فَلَمّا أَخَذْته،

ــ

الدّائِمِ وَهُوَ الْوَاقِفُ وَيُرْوَى: حَتّى أَذَمّتْ. أَيْ أَذَمّتْ الْأَتَانُ أَيْ جَاءَتْ بِمَا تُذَمّ عَلَيْهِ أَوْ يَكُونُ مِنْ قَوْلِهِمْ بِئْرٌ ذَمّةٌ أَيْ قَلِيلَةُ الْمَاءِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ عِنْدَ أَبِي الْوَلِيدِ وَلَا فِي أَصْلِ الشّيْخِ أَبِي بَحْرٍ وَقَدْ ذَكَرَهَا قَاسِمٌ فِي الدّلَائِلِ وَلَمْ يَذْكُرْ رِوَايَةً أُخْرَى، وَذَكَرَ تَفْسِيرَهَا عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَذَمّ بِالرّكْبِ إذَا أَبْطَأَ حَتّى حَبَسَتْهُمْ مِنْ الْبِئْرِ الذّمّةِ وَهِيَ الْقَلِيلَةُ الْمَاءِ١.

وَذَكَرَ قَوْلَ حَلِيمَةَ: فَلَمّا وَضَعْته فِي حِجْرِي أَقْبَلَ عَلَيْهِ ثَدْيَايَ بِمَا شَاءَ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ حَتّى رَوِيَ وَشَرِبَ مَعَهُ أَخُوهُ حَتّى رَوِيَ.

وَذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ إسْحَاقَ أَنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يُقْبِلُ إلّا عَلَى ثَدْيِهَا الْوَاحِدِ وَكَانَتْ تَعْرِضُ عَلَيْهِ الثّدْيَ الْآخَرَ فَيَأْبَاهُ كَأَنّهُ قَدْ أُشْعِرَ - عَلَيْهِ السّلَامُ - أَنّ مَعَهُ شَرِيكًا فِي لِبَانِهَا، وَكَانَ مَفْطُورًا عَلَى الْعَدْلِ مَجْبُولًا عَلَى الْمُشَارَكَةِ وَالْفَضْلِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

الْتِمَاسُ الْأَجْرِ عَلَى الرّضَاعِ:

قَالَ الْمُؤَلّفُ وَالْتِمَاسُ الْأَجْرِ عَلَى الرّضَاعِ لَمْ يَكُنْ مَحْمُودًا عِنْدَ أَكْثَرِ نِسَاءِ


١ عِنْد أبي ذَر الْخُشَنِي: أذمت: تَأَخَّرت بالركب، أَي تَأَخّر الركب بِسَبَبِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>