. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِخَلْقِ الْأَشْيَاءِ خَلَقَ التّرْبَةَ قَبْلَ السّمَاءِ فَلَمّا خَلَقَ السّمَاءَ وَقَضَاهُنّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ دَحَا الْأَرْضَ أَيْ بَسَطَهَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النّازِعَاتُ: ٣] وَإِنّمَا دَحَاهَا مِنْ تَحْتِ مَكّةَ ; وَلِذَلِكَ سُمّيَتْ أُمّ الْقُرَى، وَفِي التّفْسِيرِ أَنّ اللهَ سُبْحَانَهُ حِينَ قَالَ لِلسّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ {اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فُصّلَتْ: ١١] لَمْ تُجِبْهُ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ مِنْ الْأَرْضِ إلّا أَرْضُ الْحَرَمِ، فَلِذَلِكَ حَرّمَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ أَنّ اللهَ حَرّمَ مَكّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَصَارَتْ حُرْمَتُهَا كَحُرْمَةِ الْمُؤْمِنِ لِأَنّ الْمُؤْمِنَ إنّمَا حُرّمَ دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ بِطَاعَتِهِ لِرَبّهِ وَأَرْضُ الْحَرَمِ لَمّا قَالَتْ أَتَيْنَا طَائِعِينَ حُرّمَ صَيْدُهَا وَشَجَرُهَا وَخَلَاهَا إلّا الْإِذْخِرَ فَلَا حُرْمَةَ إلّا لَذِي طَاعَةٍ جَعَلَنَا اللهُ مِمّنْ أَطَاعَهُ.
سَبَبٌ آخَرُ لِبُنْيَانِ الْبَيْتِ:
وَرُوِيَ فِي سَبَبِ بُنْيَانِ الْبَيْتِ خَبَرٌ آخَرُ وَلَيْسَ بِمُعَارِضِ لِمَا تَقَدّمَ وَذَلِكَ أَنّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمّا قَالَ لِمَلَائِكَتِهِ {إِنّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [الْبَقَرَةُ: ٣٠] .
خَافُوا أَنْ يَكُونَ اللهُ عَاتِبًا عَلَيْهِمْ لِاعْتِرَاضِهِمْ فِي عِلْمِهِ فَطَافُوا بِالْعَرْشِ سَبْعًا، يَسْتَرْضُونَ رَبّهُمْ وَيَتَضَرّعُونَ إلَيْهِ فَأَمَرَهُمْ سُبْحَانَهُ أَنْ يَبْنُوا الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فِي السّمَاءِ السّابِعَةِ وَأَنْ يَجْعَلُوا طَوَافَهُمْ بِهِ فَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ مِنْ الطّوَافِ بِالْعَرْشِ ثُمّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَبْنُوا فِي كُلّ سَمَاءٍ بَيْتًا، وَفِي كُلّ أَرْضٍ بَيْتًا، قَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْتًا، كُلّ بَيْتٍ مِنْهَا مَنَا صَاحِبَهُ أَيْ فِي مُقَابَلَتِهِ لَوْ سَقَطَتْ لَسَقَطَتْ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.
حَوْلَ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ مَرّةً أُخْرَى:
رُوِيَ أَيْضًا أَنّ الْمَلَائِكَةَ حِينَ أَسّسَتْ الْكَعْبَةَ انْشَقّتْ الْأَرْضُ إلَى مُنْتَهَاهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute