للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لَهَدَمْتهَا، وَجَعَلْت لَهَا خَلْفًا١ وَأَلْصَقْت بَابَهَا الْأَرْضَ وَأَدْخَلْت فِيهَا الْحِجْرَ" أَوْ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ السّلَامُ - قَالَ ابْنُ الزّبَيْرِ فَلَيْسَ بِنَا الْيَوْمَ عَجْزٌ عَنْ النّفَقَةِ فَبَنَاهَا عَلَى مُقْتَضَى حَدِيثِ عَائِشَةَ فَلَمّا قَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ لَسْنَا مِنْ تَخْلِيطِ أَبِي خُبَيْبٍ٢ بِشَيْءِ فَهَدَمَهَا وَبَنَاهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمّا فَرَغَ مِنْ بُنْيَانِهَا جَاءَهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَعْرُوفُ بِالْقُبَاعِ٣ وَهُوَ أَخُو عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الشّاعِرِ وَمَعَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَحَدّثَاهُ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَدِيثِ الْمُتَقَدّمِ فَنَدِمَ وَجَعَلَ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ بِمِخْصَرَةِ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ وَدِدْت أَنّي تَرَكْت أَبَا خُبَيْبٍ وَمَا تَحَمّلَ مِنْ ذَلِكَ فَهَذِهِ الْمَرّةُ الْخَامِسَةُ فَلَمّا قَامَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ، وَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَهَا عَلَى مَا بَنَاهَا ابْنُ الزّبَيْرِ وَشَاوَرَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: أَنْشُدُك اللهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ تَجْعَلَ هَذَا الْبَيْتَ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ بَعْدَك، لَا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُغَيّرَهُ إلّا غَيّرَهُ٤ فَتَذْهَبُ هَيْبَتُهُ مِنْ قُلُوبِ النّاسِ فَصَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ فِيهِ وَقَدْ قِيلَ إنّهُ بُنِيَ فِي أَيّامِ جُرْهُمَ مَرّةً أَوْ مَرّتَيْنِ لِأَنّ السّيْلَ كَانَ قَدْ صَدّعَ حَائِطَهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بُنْيَانًا عَلَى نَحْوِ مَا قَدّمْنَا، إنّمَا كَانَ إصْلَاحًا لِمَا وَهَى مِنْهُ وَجِدَارًا بُنِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السّيْلِ بَنَاهُ عَامِرٌ الْجَارُودُ وَقَدْ تَقَدّمَ هَذَا الْخَبَرُ، وَكَانَتْ الْكَعْبَةُ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَهَا شِيثُ عَلَيْهِ السّلَامُ خَيْمَةً مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ يَطُوفُ بِهَا آدَمُ وَيَأْنَسُ إلَيْهَا ; لِأَنّهَا أُنْزِلَتْ إلَيْهِ مِنْ الْجَنّةِ وَكَانَ قَدْ حَجّ إلَى مَوْضِعِهَا مِنْ الْهِنْدِ، وَقَدْ قِيلَ إنّ آدَمَ هُوَ أَوّلُ مَنْ بَنَاهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ إسْحَاقَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْبَكّائِيّ. وَفِي الْخَبَرِ أَنّ مَوْضِعَهَا كَانَ غُثَاءَةً عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللهُ السّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَلَمّا بَدَأَ اللهُ


١ وَردت فِي مَعْنَاهُ أَحَادِيث رَوَاهَا البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهَا.
٢ هُوَ عبد الله بن الزبير وَيُقَال عَنهُ عَن ابْنه أَو أَخِيه مُصعب: الخبيبان.
٣ القباع: مكيال ضخم.
٤ نقل النَّوَوِيّ وعياض أَن هَذَا الحَدِيث حصل للرشيد أَو أَبِيه الْمهْدي، وَأَن مَالِكًا قَالَ: مَالك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تجْعَل كعبة الله ملعبة للملوك لَا يَشَاء أحد أَن يَهْدِمهَا إِلَّا هدمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>