للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَطَطًا وَأَنّا ظَنَنّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنّ عَلَى اللهِ كَذِبًا وَأَنّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} [الْجِنّ: ١ – ٦] إلَى قَوْلِهِ {وَأَنّا كُنّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا وَأَنّا لَا نَدْرِي أَشَرّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبّهُمْ رَشَدًا} [الْجِنّ: ٩، ١٠] .

ــ

سُئِلَ عَنْ هَذَا الرّمْيِ بِالنّجُومِ أَكَانَ فِي الْجَاهِلِيّةِ؟ قَالَ نَعَمْ وَلَكِنّهُ إذْ جَاءَ الْإِسْلَامُ غَلّظَ وَشَدّدَ وَفِي قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ {وَأَنّا لَمَسْنَا السّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} [الْجِنّ: ٨] الْآيَةُ وَلَمْ يَقُلْ حُرِسَتْ دَلِيلٌ عَلَى أَنّهُ قَدْ كَانَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَمّا بُعِثَ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا، وَذَلِكَ لِيَنْحَسِمَ أَمْرُ الشّيَاطِينِ وَتَخْلِيطِهِمْ وَلِتَكُونَ الْآيَةُ أَبْيَنَ وَالْحُجّةُ أَقْطَعَ وَإِنْ وُجِدَ الْيَوْمَ كَاهِنٌ فَلَا يَدْفَعُ ذَلِكَ بِمَا أَخْبَرَ اللهُ بِهِ مِنْ طَرْدِ الشّيَاطِينِ عَنْ اسْتِرَاقِ السّمْعِ فَإِنّ ذَلِكَ التّغْلِيظَ وَالتّشْدِيدَ كَانَ زَمَنَ النّبُوّةِ ثُمّ بَقِيَتْ مِنْهُ أَعْنِي مِنْ اسْتِرَاقِ السّمْعِ بَقَايَا يَسِيرَةٌ بِدَلِيلِ وُجُودِهِمْ عَلَى النّدُورِ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ وَفِي بَعْضِ الْبِلَادِ. "وَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْكُهّانِ فَقَالَ لَيْسُوا بِشَيْءِ فَقِيلَ إنّهُمْ يَتَكَلّمُونَ بِالْكَلِمَةِ فَتَكُونُ كَمَا قَالُوا، فَقَالَ تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْجِنّ يَحْفَظُهَا الْجِنّيّ، فَيُقِرّهَا فِي أُذُنِ وَلِيّهِ قَرّ الزّجَاجَةِ فَيَخْلِطُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كِذْبَةٍ"، وَيُرْوَى: قَرّ الدّجَاجَةِ١ بِالدّالِ وَعَلَى هَذِهِ الرّوَايَةِ تَكَلّمَ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الدّلَائِلِ. وَالزّجَاجَةُ بِالزّايِ أَوْلَى ; لِمَا ثَبَتَ فِي الصّحِيحِ فَيُقِرّهَا فِي أُذُنِ وَلِيّهِ كَمَا تُقَرّ الْقَارُورَةُ وَمَعْنَى يُقِرّهَا: يَصُبّهَا وَيُفْرِغُهَا، قَالَ الرّاجِزُ:

لَا تُفْرِغَنْ فِي أُذُنِي قَرّهَا ... مَا يَسْتَفِزّ فَأُرِيك فَقْرَهَا

وَفِي "تَفْسِيرِ" ابْنِ سَلَامٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، قَالَ إذَا رَمَى الشّهَابُ الْجِنّيّ لَمْ يُخْطِئْهُ وَيُحَرّقُ مَا أَصَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ وَعَنْ الْحَسَنِ قَالَ فِي أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَيْنِ وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ سَلَامٍ أَيْضًا عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنّهُ كَانَ مَعَ قَوْمٍ فَرُمِيَ بِنَجْمِ فَقَالَ لَا تُتْبِعُوهُ أَبْصَارَكُمْ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ حَفْصٍ أَنّهُ سَأَلَ الْحَسَنَ أَيُتْبِعُ بَصَرَهُ الْكَوْكَبَ،


١ وَفِي رِوَايَة: قَز الزّجاج بالزاء, أَي: بصوتها إِذا صب فِيهَا المَاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>