للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمّا سَمِعَتْ الْجِنّ الْقُرْآنَ عَرَفَتْ أَنّهَا إنّمَا مُنِعَتْ مِنْ السّمْعِ قَبْلَ ذَلِكَ لِئَلّا يُشْكِلُ الْوَحْيُ بِشَيْءِ خَبَرَ السّمَاءِ فَيَلْتَبِسُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ مَا جَاءَهُمْ مِنْ اللهِ فِيهِ لِوُقُوعِ الْحُجّةِ وَقَطْعِ الشّبْهَةِ. فَآمَنُوا وَصَدّقُوا، ثُمّ {وَلّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ... [الْأَحْقَاف: ٢٩، ٣٠] الْآيَةُ.

وَكَانَ قَوْلُ الْجِنّ: {وَأَنّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} . [الْجِنّ: ٦] أَنّهُ كَانَ الرّجُلُ مِنْ الْعَرَبِ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ إذَا سَافَرَ فَنَزَلَ بَطْنَ وَادٍ مِنْ الْأَرْضِ لِيَبِيتَ فِيهِ قَالَ إنّي أَعُوذُ بِعَزِيزِ هَذَا الْوَادِي مِنْ الْجِنّ اللّيْلَةَ مِنْ شَرّ مَا فِيهِ.

ــ

فَقَالَ: قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشّيَاطِينِ} [الْمُلْكُ: ٥] . وَقَالَ {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الْأَعْرَافُ: ١٨٥] . قَالَ كَيْفَ نَعْلَمُ إذَا لَمْ نَنْظُرْ إلَيْهِ لَأُتْبِعَنّهُ بَصَرِي.

الْجِنّ الّذِينَ ذَكَرَهُمْ الْقُرْآنُ:

وَذَكَرَ النّفَرَ مِنْ الْجِنّ الّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ الْقُرْآنُ وَاَلّذِينَ {وَلّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} [الْأَحْقَافُ: ٢٩،٣٠] . وَفِي الْحَدِيثِ أَنّهُمْ كَانُوا مِنْ جِنّ نَصِيبِينَ١. وَفِي التّفْسِيرِ أَنّهُمْ كَانُوا يَهُودًا ; وَلِذَلِكَ قَالُوا: مِنْ بَعْدِ مُوسَى، وَلَمْ يَقُولُوا مِنْ بَعْدِ عِيسَى ذَكَرَهُ ابْنُ سَلَامٍ٢. وَكَانُوا سَبْعَةً قَدْ ذُكِرُوا بِأَسْمَائِهِمْ فِي التّفَاسِيرِ وَالْمُسْنَدَاتِ وَهُمْ شَاصِرٌ وَمَاصِرٌ وَمُنْشَى، وَلَاشَى، وَالْأَحْقَابُ وَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ ذَكَرَهُمْ ابْنُ دُرَيْدٍ وَوَجَدْت فِي خَبَرٍ حَدّثَنِي بِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ طَاهِرٍ الْإِشْبِيلِيّ الْقَيْسِيّ عَنْ أَبِي عَلِيّ الْغَسّانِيّ فِي فَضْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ


١ مدينو عامرة من بِلَاد الجزيرة على جادة القوافل من الْموصل إِلَى الشَّام, وَقبل غير ذَلِك.
٢ الَّذِي يَنْقُلهُ عَن ابْن سَلام, تهويمة خيال.

<<  <  ج: ص:  >  >>