للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ كَانَتْ لَهُمْ قِصّةٌ عَجَبٌ وَعَنْ رَجُلٍ كَانَ طَوّافًا قَدْ بَلَغَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَأَخْبِرْنَا عَنْ الرّوحِ مَا هِيَ؟ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – "أُخْبِرُكُمْ بِمَا سَأَلْتُمْ عَنْهُ غَدًا" وَلَمْ يَسْتَثْنِ فَانْصَرَفُوا عَنْهُ فَمَكَثَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَذْكُرُونَ - خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُحْدِثُ اللهُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَحْيًا، وَلَا يَأْتِيهِ جِبْرِيلُ حَتّى أَرْجَفَ أَهْلُ مَكّةَ وَقَالُوا: وَعَدَنَا مُحَمّدٌ غَدًا، وَالْيَوْمُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. قَدْ أَصْبَحْنَا مِنْهَا لَا يُخْبِرُنَا بِشَيْءِ مِمّا سَأَلْنَاهُ عَنْهُ وَحَتّى أَحْزَنَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُكْثُ الْوَحْيِ عَنْهُ وَشَقّ عَلَيْهِ مَا يَتَكَلّمُ بِهِ أَهْلُ مَكّةَ، ثُمّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ مِنْ اللهِ عَزّ وَجَلّ بِسُورَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، فِيهَا مُعَاتَبَتُهُ إيّاهُ عَلَى حُزْنِهِ عَلَيْهِمْ وَخَبَرُ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الْفِتْيَةِ وَالرّجُلِ الطّوّافِ وَالرّوحِ.

مَا أنزل الله فِي قُرَيْش حِين سَأَلُوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَاب عَنهُ الْوَحْي مُدَّة:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَذُكِرَ لِي أَنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِجِبْرِيلَ حِينَ جَاءَهُ " لَقَدْ احْتَبَسْت عَنّي يَا جِبْرِيلُ حَتّى سُؤْت طَنّا" فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ {وَمَا نَتَنَزّلُ إِلّا بِأَمْرِ رَبّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبّكَ نَسِيّا} [مَرْيَمَ: ٦٤] . فَافْتَتَحَ

ــ

وَذَكَرَ أَنّهُ هَمّ بِمَا هَمّ بِهِ نمروذ مِنْ الصّعُودِ إلَى السّمَاءِ فَطَرَحَتْهُ الرّيحُ وَضَعْضَعَتْ أَرْكَانَهُ وَهَدَمَتْ بُنْيَانَهُ ثُمّ ثَابَ إلَيْهِ بَعْضُ جُنُودِهِ فَصَارَ كَسَائِرِ الْمُلُوكِ يَغْلِبُ تَارَةً وَيُغْلَبُ بِخِلَافِ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ وَسَارَ بِجُنُودِهِ إلَى الْيَمَنِ فَنَهَدَ إلَيْهِ عَمْرُو ذُو الْأَذْعَارِ فَهَزَمَهُ عَمْرٌو، وَأَخَذَهُ أَسِيرًا، وَحَبَسَهُ فِي مَحْبِسٍ حَتّى جَاءَ رُسْتُمُ وَكَانَ صَاحِبَ أَمْرِهِ فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ عَمْرٍو، إمّا بِطَوْعِ وَإِمّا بِإِكْرَاهِ وَرَدّهُ إلَى بِلَادِ فَارِسَ. وَلِابْنِهِ شاوخش مَعَ قراسيات مَلِكِ التّرْكِ خَبَرٌ عَجِيبٌ وَكَانَ رُسْتُمُ هُوَ الْقَيّمُ عَلَى شاوخش وَالْكَافِلُ لَهُ فِي صِغَرِهِ وَكَانَ آخِرُ أَمْرِ شاوخش بَعْدُ عَجَائِبَ أَنْ قَتَلَهُ قراسيات، وَقَامَ ابْنُهُ كَيْ خُسْرُو يَطْلُبُ بِثَأْرِهِ فَدَارَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التّرْكِ وَقَائِعُ لَمْ يُسْمَعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>