للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَيْفَ قِتَالِي مَعْشَرًا أَدّبُوكُمْ ... عَلَى الْحَقّ أَنْ لَا تَأْشِبُوهُ بِبَاطِلِ

نَفَتْهُمْ عِبَادُ الْجِنّ مِنْ حُرّ أَرْضِهِمْ ... فَأَضْحَوْا عَلَى أَمْرٍ شَدِيدِ الْبَلَابِلِ

ــ

جَازَ أَيْضًا الْتِفَاتًا إلَى أَنّ الْحَرْفَ الْجَرّ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْحَرْفِ وَلَا عَلَى الْفِعْلِ فَحَسَنٌ إسْقَاطُهُ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ أَنْ وَلِلْفِعْلِ الْفِعْل، وَقُلْنَا: هُوَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَلَى مَعْنَى أَنّ الْكَلَامَ يُؤَوّلُ إلَى الِاسْمِ الْمَخْفُوضِ لَا أَنّهُ يَظْهَرُ فِيهِ خَفْضٌ أَوْ يُقَدّرُ تَقْدِيرَ الْمَبْنِيّ الّذِي مَنَعَهُ الْبِنَاءُ مِنْ ظُهُورِ الْخَفْضِ فِيهِ حَتّى يُشْبِهَ أَنْ فَنَقُولُ هُوَ اسْمٌ مَبْنِيّ عَلَى السّكُونِ، لَا بَلْ نَقُولُ هِيَ حَرْفٌ وَالْحَرْفُ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ حَرْفُ الْجَرّ لَا مُضْمَرًا وَلَا مُظْهَرًا، وَإِنّمَا هُوَ تَقْدِيرٌ فِي الْمَعْنَى، لَا فِي اللّفْظِ فَافْهَمْهُ.

لَا يُضَافُ اسْمٌ إلَى أَنّ الْمَصْدَرِيّةِ:

فَصْلٌ: وَاعْلَمْ أَنّ [أَنْ] الّتِي فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ لَا يُضَافُ إلَيْهَا اسْمٌ. تَقُولُ هَذَا مَوْضِعُ أَنْ تَقْعُدَ وَيَوْمُ خُرُوجِك، وَلَا تَقُولُ يَوْمُ أَنْ تَخْرُجَ لِأَنّهَا لَيْسَتْ بِاسْمِ كَمَا قَدّمْنَا، وَإِنّمَا تُضَافُ إلَى الْأَسْمَاءِ الْمَحْضَةِ لَا إلَى التّأْوِيلِ وَلَا يُضَافُ إلَيْهَا أَيْضًا اسْمُ الْفَاعِلِ لَا بِمَعْنَى الْمُضِيّ وَلَا بِمَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ وَلَا الْمَصْدَرِ إلّا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ نَحْوُ مَخَافَةَ أَنْ تَقُومَ وَذَلِك إذَا أَرَدْت مَعْنَى الْمَفْعُولِ بِأَنّ وَمَا بَعْدَهَا، وَأَمّا عَلَى نَحْوِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْفَاعِلِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِك.

وَإِنّمَا تَكُونُ فَاعِلَةً مَعَ الْفِعْلِ إذَا ذَكَرْته قَبْلَهَا نَحْوُ يَسُرّنِي أَنْ تَقُومَ وَأَمّا مَعَ الْمَصْدَرِ مُضَافًا إلَيْهَا فَلَا، وَتَكُونُ مَفْعُولَةً مَعَ الْمَصْدَرِ وَمَعَ الْفِعْلِ مَعًا، وَكُلّ هَذَا الْأَسْرَارُ بَدِيعَةٌ مَوْضِعُهَا غَيْرُ هَذَا، لَكِنّي أَقُولُ هَهُنَا قَوْلًا لَائِقًا بِهَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنّي لَمْ أَذْكُرْ الْخَفْضَ بِإِضْمَارِ حَرْفِ الْجَرّ فِي أَنّ وَإِنّ إلّا مُسَاعَدَةً لِمَنْ تَقَدّمَ فَعَلَيْهِ بَنَيْت التّعْلِيلَ وَالتّأْصِيلَ وَإِذَا أَبَيْت مِنْ التّقْلِيدِ فَلَا إضْمَارَ لِحُرُوفِ الْجَرّ فِيهَا، إنّمَا هُوَ النّصَبُ بِفِعْلِ مُضْمَرٍ أَوْ مُظْهَرٍ أَمّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَحَقّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التَّوْبَة ١٠٨] فَإِنّمَا لَمّا قَالَ أَحَقّ عُلِمَ أَنّهُ يُوجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ فِيهِ وَكَذَلِكَ أَجْدَرُ أَلّا يَعْلَمُوا، وَمَعْنَى أَجْدَرَ أَخْلَقُ وَأَقْرَبُ وَلَمَا ثَبَتَتْ لَهُمْ هَذِهِ الصّفّةُ اقْتَضَى ذَلِكَ أَلّا يَعْلَمُوا ; فَصَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>