تهكم أبي لَهب بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أنزل الله فِيهِ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَنّ أَبَا لَهَبٍ لَقِيَ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، حِينَ فَارَقَ قَوْمَهُ وَظَاهَرَ عَلَيْهِمْ قُرَيْشًا، فَقَالَ يَا بِنْتَ عُتْبَةَ هَلْ نَصَرْت اللّاتَ وَالْعُزّى، وَفَارَقْت مَنْ فَارَقَهُمَا وَظَاهَرَ عَلَيْهِمَا؟ قَالَتْ نَعَمْ فَجَزَاك اللهُ خَيْرًا يَا أَبَا عُتْبَةَ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحُدّثْت أَنّهُ كَانَ يَقُولُ فِي بَعْضِ مَا يَقُولُ يَعْدُنِي مُحَمّدٌ أَشْيَاءَ لَا أَرَاهَا، يَزْعُمُ أَنّهَا كَائِنَةً بَعْدَ الْمَوْتِ فَمَاذَا وُضِعَ فِي يَدَيْ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمّ يَنْفُخُ فِي يَدْيِهِ وَيَقُولُ تَبّا لَكُمَا، مَا أَرَى فِيكُمَا شَيْئًا مِمّا يَقُولُ مُحَمّدٌ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِيهِ {تَبّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [الْمسند: ١]
ــ
فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {تَبّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبّ} هَذَا الّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ إسْحَاقَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِذِكْرِ اللهِ سُبْحَانَهُ يَدَيْهِ حَيْثُ يَقُولُ {تَبّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} وَأَمّا قَوْلُهُ وَتَبّ تَفْسِيرُهُ مَا جَاءَ فِي الصّحِيحِ مِنْ رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، قَالَ لَمّا أَنَزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشّعَرَاءُ ٢١٤] خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتّى أَتَى الصّفَا، فَصَعِدَ عَلَيْهِ فَهَتَفَ "يَا صُبَاحَاه"، فَلَمّا اجْتَمَعُوا إلَيْهِ قَالَ "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنّ خَيْلًا تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدّقِيّ"؟ قَالُوا: مَا جَرّبْنَا عَلَيْك كَذِبًا. قَالَ "فَإِنّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٌ شَدِيدٌ". فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبّا لَك أَلِهَذَا جَمَعْتنَا؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {تَبّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} هَكَذَا قَرَأَ مُجَاهِدٌ وَالْأَعْمَشُ، وَهِيَ - وَاَللهُ أَعْلَمُ - قِرَاءَةٌ مَأْخُوذَةٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لِأَنّ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَلْفَاظًا كَثِيرَةً تُعِينُ عَلَى التّفْسِيرِ قَالَ مُجَاهِدٌ: لَوْ كُنْت قَرَأْت قِرَاءَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ قَبْل أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبّاسٍ، مَا احْتَجْت أَنْ أَسْأَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute