قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَبّتْ خَسِرَتْ. وَالتّبَابُ الْخُسْرَانُ. قَالَ حَبِيبُ بْنُ خَدِرَةَ الْخَارِجِيّ: أَحَدُ بَنِي هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ:
يَا طَيّبُ إنّا فِي مَعْشَرٍ ذَهَبَتْ ... مَسْعَاتُهُمْ فِي التّبَارِ وَالتّبَبِ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.
ــ
عَنْ كَثِيرٍ مِمّا سَأَلْته، وَكَذَلِكَ زِيَادَةٌ قَدْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فُسّرَتْ أَنّهُ خَبَرٌ مِنْ اللهِ تَعَالَى، وَأَنّ الْكَلَامَ لَيْسَ عَلَى جِهَةِ الدّعَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ} [التّوْبَةُ ٣٥] ، أَيْ إنّهُمْ أَهْلٌ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ هَذَا، فَتَبّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ لَيْسَ مِنْ بَابِ قَاتَلَهُمْ اللهُ وَلَكِنّهُ خَبَرٌ مَحْضٌ بِأَنّ قَدْ خَسِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَالْيَدَانِ آلَةُ الْكَسْبِ وَأَهْلُهُ وَمَالُهُ مِمّا كَسَبَ فَقَوْلُهُ {تَبّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} تَفْسِيرُهُ قَوْلُهُ: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد:٢] وَوَلَدُ الرّجُلِ مِنْ كَسْبِهِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَيْ خَسِرَتْ يَدَاهُ هَذَا الّذِي كَسَبْت، وَقَوْلُهُ وَتَبّ تَفْسِيرُهُ. {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد:٣] أَيْ قَدْ خَسِرَ نَفْسَهُ بِدُخُولِهِ النّارَ وَقَوْلُ أَبِي لَهَبٍ تَبّا لَكُمَا، مَا أَرَى فِيكُمَا شَيْئًا، يَعْنِي: يَدَيْهِ سَبَبُ لِنُزُولِ تَبّتْ يَدَا كَمَا تَقَدّمَ.
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ تَبّا لَك يَا مُحَمّدُ سَبَبٌ لِنُزُولِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَتَبْ} فَالْكَلِمَتَانِ فِي التّنْزِيلِ مَبْنِيّتَانِ عَلَى السّبَبَيْنِ وَالْآيَتَانِ بَعْدَهُمَا تَفْسِير لِلسّبَبَيْنِ. تَبَابِ يَدَيْهِ وَتَبَابُهُ هُوَ فِي نَفْسِهِ وَالتّبَبُ عَلَى وَزْنِ التّلَفِ لِأَنّهُ فِي مَعْنَاهُ وَالتّبَابُ كَالْهَلَاكِ وَالْخَسَارِ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَلِذَلِكَ قِيلَ فِيهِ تَبَبٌ وَتَبَابٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute