للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنّ عَلَيْهِ فِي الْعِبَادِ مَحَبّةً ... وَلَا خَيْرَ مِمّنْ خَصّهُ اللهُ بِالْحُبّ

ــ

زَوْجِهَا حُرَيْثِ بْنِ حَسّانَ ذَا صَبَاحٍ بَيْنَ سَمْعِ الْأَرْضِ وَبَصَرِهَا، فَهَذَا يَكُونُ مِنْ بَابِ ذَاتِ مَرّةٍ وَذَاتِ يَوْمٍ غَيْرَ أَنّهُ وَرَدَ مُذَكّرًا ; لِأَنّهُ تَشْتَغِلُ تَاءُ التّأْنِيثِ مَعَ الصّادِ وَتَوَالِي الْحَرَكَاتِ فَحَذَفُوهَا، فَقَالُوا: لَقِيته ذَا صَبَاحٍ وَهَذَا لَا يَتَمَكّنُ كَمَا لَا يَتَمَكّنُ ذَاتُ يَوْمٍ وَذَاتُ حِينٍ وَلَا يُضَافُ إلَيْهِ مَصْدَرٌ وَلَا غَيْرُهُ. وَقَوْلُ الْخَثْعَمِيّ عَزَمْت عَلَى إقَامَةِ ذِي صَبَاحٍ قَدْ أَضَافَ إلَيْهِ فَكَيْفَ يُضِيفُ إلَيْهِ ثُمّ يَنْصِبُهُ أَوْ كَيْفَ يُضَارِعُ الْحَالَ مَعَ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَيْهِ؟ فَكَذَلِكَ خَفْضُهُ وَأَخْرَجَهُ عَنْ نَظَائِرِهِ إلّا أَنْ يَكُونَ سِيبَوَيْهِ سَمِعَ خَثْعَمَ يَقُولُونَ سِرْت فِي ذَاتِ يَوْمٍ أَوْ سِيَر عَلَيْهِ ذَاتُ يَوْمٍ بِرَفْعِ التّاءِ فَحِينَئِذٍ يَسُوغُ لَهُ أَنْ يَقُولَ لُغَةُ خَثْعَمَ، وَأَمّا الْبَيْتُ الّذِي تَقَدّمَ فَالشّاهِدُ لَهُ فِيهِ وَمَا أَظُنّ خَثْعَمَ، وَلَا أَحَدًا مِنْ الْعَرَبِ يُجِيزُ التّمَكّنَ فِي نَحْوِ هَذَا، وَإِخْرَاجِهِ عَنْ النّصْبِ وَاَللهُ أَعْلَمُ.

لَا الّتِي لِلتّبْرِئَةِ:

فَصْلٌ: وَفِيهِ: وَلَا خَيْرَ مِمّنْ خَصّهُ اللهُ بِالْحُبّ

وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدّا لِأَنّ لَا فِي بَابِ التّبْرِئَةِ لَا تَنْصِبُ مِثْلَ هَذَا إلّا مُنَوّنًا تَقُولُ لَا خَيْرًا مِنْ زَيْدٍ فِي الدّارِ وَلَا شَرّا مِنْ فُلَانٍ وَإِنّمَا تَنْصِبُ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ إذَا كَانَ الِاسْمُ غَيْرَ مَوْصُولٍ بِمَا بَعْدَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يُوسُفُ ٩٢] . لِأَنّ عَلَيْكُمْ لَيْسَ مِنْ صِلَةِ التّثْرِيبِ لِأَنّهُ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ، وَأَشْبَهَ مَا يُقَالُ فِي بَيْتِ أَبِي طَالِبٍ أَنّ خَيْرًا مُخَفّفٌ مِنْ خَيْرِ كَهَيْنِ وَمَيْت [مِنْ هَيّنٍ وَمَيّتٍ] وَفِي التّنْزِيلِ {خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرّحْمَنُ ٧٠] هُوَ مُخَفّفٌ مِنْ خَيْرَاتٍ.

عَوْدٌ إلَى شَرْحِ شِعْرِ أَبِي طَالِبٍ:

وَقَوْلُهُ مِمّنْ. مَنْ مُتَعَلّقَةٌ بِمَحْذُوفِ كَأَنّهُ قَالَ لَا خَيْرَ أَخْيَرُ مِمّنْ خَصّهُ اللهُ وَخَيْرٌ وَأَخْيَرُ لَفْظَانِ مِنْ جَنْسٍ وَاحِدٍ فَحَسُنَ الْحَذْفُ اسْتِثْقَالًا لِتَكْرَارِ اللّفْظِ كَمَا حَسُنَ {وَلَكِنّ الْبِرّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [الْبَقَرَة ١٧٧] . و {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}

<<  <  ج: ص:  >  >>