للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنّ الّذِي أَلْصَقْتُمْ مِنْ كِتَابِكُمْ ... لَكُمْ كَائِنٌ نَحِسًا كَرَاغِيَةِ السّقْبِ

أَفِيقُوا أَفِيقُوا، قَبْلَ أَنْ يُحْفَرَ الثّرَى ... وَيُصْبِحُ مَنْ لَمْ يَجْنِ ذَنْبًا كَذِي الذّنْبِ

وَلَا تَتْبَعُوا أَمْرَ الْوُشَاةِ وَتَقْطَعُوا ... أَوَاصِرَنَا بَعْدَ الْمَوَدّةِ وَالْقُرْبِ

وَتَسْتَجْلِبُوا حَرْبًا عَوَانًا، وَرُبّمَا ... أَمُرّ عَلَى مَنْ ذَاقَهُ جَلَبُ الْحَرْبِ

فَلَسْنَا - وَرَبّ الْبَيْتِ - نُسْلِمُ أَحَمْدًا ... لَعَزّاءَ مِنْ عَضّ الزّمَانِ وَلَا كَرْبِ

وَلَمّا تَبِنْ مِنّا، وَمِنْكُمْ سَوَالِفُ ... وَأَيْدٍ أُتِرّتْ بِالّقُسَاسِيّةِ الشّهُبِ

بِمَعْتَرَكٍ ضَيْقٍ تَرَى كَسْرَ الْقَنَا ... بِهِ وَالنّسُورَ الطّخْمَ يَعْكُفْنَ كَالشّرْبِ

ــ

[الْبَقَرَةُ ١٩٧] لِمَا فِي تَكْرَارِ الْكَلِمَةِ مَرّتَيْنِ مِنْ الثّقَلِ عَلَى اللّسَانِ وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَلَوْ يُعَجّلُ اللهُ لِلنّاسِ الشّرّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ} [يُونُسُ ١١] أَيْ لَوْ عَجّلَهُ لَهُمْ إذَا اسْتَعْجَلُوا بِهِ اسْتِعْجَالًا مِثْلَ اسْتِعْجَالِهِمْ بِالْخَيْرِ فَحَسُنَ هَذَا الْكَلَامُ لِمَا فِي الْكَلَامِ مِنْ ثِقَلِ التّكْرَارِ وَإِذَا حَذَفُوا حَرْفًا وَاحِدًا لِهَذِهِ الْعِلّةِ كَقَوْلِهِمْ بَلّحَرث بَنُونَ فُلَانٍ وَظَلِلْت وَأُحِشّتْ فَأَحْرَى أَنْ يَحْذِفُوا كَلِمَةَ مِنْ حُرُوفٍ فَهَذَا أَصْلٌ مُطّرِدٌ وَيَجُوزُ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَذْفُ التّنْوِينِ مُرَاعَاةً لِأَصْلِ الْكَلِمَةِ لِأَنّ خَيْرًا مِنْ زَيْدٍ إنّمَا مَعْنَاهُ أَخْيَرُ مِنْ زَيْدٍ وَكَذَلِكَ شَرّ مِنْ فُلَانٍ إنّمَا أَصْلُهُ أَشَرّ عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ وَحُذِفَتْ الْهَمْزَةُ تَخْفِيفًا، وَأَفْعَلُ لَا يَنْصَرِفُ فَإِذَا انْحَذَفَتْ الْهَمْزَةُ انْصَرَفَ وَنُوّنَ فَإِذَا تَوَهّمْتهَا غَيْرَ سَاقِطَةٍ الْتِفَاتًا إلَى أَصْلِ الْكَلِمَةِ لَمْ يَبْعُدْ حَذْفُ التّنْوِينِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَعَ مَا يُقَوّيهِ مِنْ ضَرُورَةِ الشّعْرِ. وَقَوْلُهُ بِالّقُسَاسِيّةِ الشّهُبِ يَعْنِي: السّيُوفَ نَسَبَهَا إلَى قُسَاس، وَهُوَ مَعْدِنٌ حَدِيدٌ لِبَنِي أَسَدٍ، وَقِيلَ اسْمٌ لِلْجَبَلِ الّذِي فِيهِ الْمَعْدِنُ قَالَ الرّاجِزُ يَصِفُ فَأْسًا:

أَحْضِرْ مِنْ مَعْدِنِ ذِي قُسَاس ... كَأَنّهُ فِي الْحَيْدِ ذِي الْأَضْرَاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>