وَنَزَلَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ أَمْرِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ أَنّهُ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ وَعَجِبَ الْوَلِيدُ وَمَنْ حَضَرَهُ مِنْ حُجّتِهِ وَخُصُومَتِهِ {وَلَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدّونَ} [الزّخْرُفُ ٥٧] . أَيْ يَصِدّونَ عَنْ أَمْرِك بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ.
ثُمّ ذَكَرَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَقَالَ {إِنْ هُوَ إِلّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي
ــ
تَعْبُدُونَ فَكَيْفَ يَلْزَمُ اعْتِرَاضُهُ بِالْمَسِيحِ وَعُزَيْرٍ وَالْمَلَائِكَةِ وَهُمْ يَعْقِلُونَ وَالْأَصْنَامُ لَا تَعْقِلُ وَمِنْ ثُمّ جَاءَتْ الْآيَةُ بِلَفْظِ مَا الْوَاقِعَةِ عَلَى مَا لَا يَعْقِلُ وَإِنّمَا تَقَعُ مَا عَلَى مَا يَعْقِلُ وَتُعْلَمُ بِقَرِينَةِ مِنْ التّعْظِيمِ وَالْإِبْهَامِ وَلَعَلّنَا نَشْرَحُهَا وَنُبَيّنُهَا فِيمَا بَعْدُ إنّ قُدّرَ لَنَا ذَلِكَ وَسَبَبُ عِبَادَةِ النّصَارَى لِلْمَسِيحِ مَعْرُوفٌ وَأَمّا عِبَادَةُ الْيَهُودِ عُزَيْرًا، وَقَوْلُهُمْ فِيهِ إنّهُ ابْنُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ قَوْلِهِمْ وَسَبَبُهُ فِيمَا ذَكَرَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكَشّيّ أَنّ التّوْرَاةَ لَمّا احْتَرَقَتْ أَيّامَ بُخْتَ نَصّرَ وَذَهَبَ بِذَهَابِهَا دِينُ الْيَهُودِ، فَلَمّا ثَابَ إلَيْهِمْ أَمْرُهُمْ وَجُدُوا لِفَقْدِهَا أَعْظَمَ الْكَرْبِ فَبَيْنَمَا عُزَيْرٌ يَبْكِي لِفَقْدِ التّوْرَاةِ، إذْ مَرّ بِامْرَأَةِ جَاثِمَةٍ عَلَى قَبْرٍ قَدْ نَشَرَتْ شَعْرَهَا، فَقَالَ لَهَا عُزَيْرٌ مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ أَنَا إيلْيَا أُمّ الْقُرَى أَبْكِي عَلَى وَلَدِي، وَأَنْتَ تَبْكِي عَلَى كِتَابِك، وَقَالَتْ لَهُ إذَا كَانَ غَدًا، فَأْتِ هَذَا الْمَكَانَ فَلَمّا أَنْ جَاءَ مِنْ الْغَدِ لِلسّاعَةِ الّتِي وَعَدَتْهُ إذَا هُوَ بِإِنْسَانِ خَارِجٍ مِنْ الْأَرْضِ فِي يَدِهِ كَهَيْئَةِ الْقَارُورَةِ فِيهَا نُورٌ فَقَالَ لَهُ افْتَحْ فَاك، فَأَلْقَاهَا فِي جَوْفِهِ فَكَتَبَ عُزَيْرٌ التّوْرَاةَ - كَمَا أَنَزَلَهَا اللهُ ثُمّ قُدّرَ عَلَى التّوْرَاةِ بَعْدَمَا كَانَتْ دُفِنَتْ أَنْ ظَهَرَتْ فَعُرِضَتْ التّوْرَاةُ، وَمَا كَانَ عُزَيْرٌ كَتَبَ فَوَجَدُوهُ سَوَاءَ فَمِنْهَا قَالُوا: إنّهُ وَلَدُ اللهِ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ.
حَصَبُ جَهَنّمَ:
وَقَوْلُهُ حَصَبُ جَهَنّمَ هُوَ مِنْ بَابِ الْقَبْضِ وَالنّفْضِ وَالْحَصْبُ بِسُكُونِ الصّادِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute