للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ كَانَ مَجْدٌ يُخْلَدُ الدّهْرَ وَاحِدًا ... مِنْ النّاسِ أَبْقَى مَجْدُهُ الْيَوْمَ مُطْعِمًا

أَجَرْت رَسُولَ اللهِ مِنْهُمْ ... فَأَصْبَحُوا عَبِيدَك، مَا لَبّى مُهِلّ وَأَحْرَمَا

فَلَوْ سُئِلَتْ عَنْهُ مَعَدّ بِأَسْرِهَا ... وَقَحْطَانُ أَوْ بَاقِي بَقِيّةِ جُرْهُمَا

لَقَالُوا: هُوَ الْمُوفَى بِخَفْرَةِ جَارِهِ ... وَذِمّتِهِ يَوْمًا إذَا مَا تَذَمّمَا

فَمَا تَطْلُعُ الشّمْسُ الْمُنِيرَةُ فَوْقَهُمْ ... عَلَى مِثْلِهِ فِيهِمْ أَعَزّ وَأَعْظَمَا

وَآبَى إذَا يَأْبَى وَأَلْيَنَ شِيمَةً ... وَأَنْوَمَ عَنْ جَارٍ إذَا اللّيْلُ أَظْلَمَا

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ "كِلَيْهِمَا" عَنْ غَيْرِ ابْن إِسْحَاق.

ــ

السّلَامُ - وَذَلِكَ حِينَ رَجَعَ مِنْ الطّائِفِ، وَقِيَامُهُ فِي أَمْرِ الصّحِيفَةِ:

فَلَوْ كَانَ مَجْدٌ يُخْلِدُ الدّهْرَ وَاحِدًا ... مِنْ النّاسِ أَبْقَى مَجْدُهُ الْيَوْمَ مُطْعِمًا

وَهَذَا عِنْدَ النّحْوِيّينَ مِنْ أَقْبَحِ الضّرُورَةِ لِأَنّهُ قَدّمَ الْفَاعِلَ وَهُوَ مُضَافٌ إلَى ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ فَصَارَ فِي الضّرُورَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ:

جَزَى رَبّهُ عَنّي عَدِيّ بْنَ حَاتِمٍ

غَيْرَ أَنّهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَشْبَهُ قَلِيلًا لِتَقَدّمِ ذِكْرِ مُطْعِمٍ، فَكَأَنّهُ قَالَ أَبَقِيَ مَجْدُ هَذَا الْمَذْكُورِ الْمُتَقَدّمِ ذِكْرُهُ مُطْعِمًا. وَوَضَعَ الظّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ كَمَا لَوْ قُلْت: إنّ زَيْدًا ضَرَبْت جَارِيَتَهُ زَيْدًا، أَيْ ضَرَبْت جَارِيَتَهُ إيّاهُ وَلَا بَأْسَ بِمِثْلِ هَذَا، وَلَا سِيّمَا إذَا قَصَدْت قَصْدَ التّعْظِيمِ وَتَفْخِيمَ ذِكْرِ الْمَمْدُوحِ كَمَا قَالَ الشّاعِرُ:

وَمَا لِي أَنْ أَكُونَ أَعِيبُ يَحْيَى ... وَيَحْيَى طَاهِرُ الْأَثْوَابِ بَرّ

وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عِنْدِي عَلَى الْبَدَلِ مِنْ قَوْلِهِ وَبَكّي عَظِيمَ الْمَشْعَرَيْنِ وَيَكُونُ الْمَفْعُولُ مِنْ قَوْلِهِ أَبْقَى مَجْدُهُ مَحْذُوفًا، فَكَأَنّهُ قَالَ أَبْقَاهُ مَجْدُهُ أَبَدًا، وَالْمَفْعُولُ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>