كَيفَ أجَاز الْمطعم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَمّا قَوْلُهُ أَجَرْت رَسُولَ اللهِ مِنْهُمْ، فَإِنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمّا انْصَرَفَ عَنْ أَهْلِ الطّائِفِ، وَلَمْ يُجِيبُوهُ إلَى مَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ مِنْ تَصْدِيقِهِ وَنُصْرَتِهِ صَارَ إلَى حِرَاءٍ، ثُمّ بَعَثَ إلَى الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ، لِيُجِيرَهُ فَقَالَ أَنَا حَلِيفٌ وَالْحَلِيفُ لَا يُجِيرُ، فَبَعَثَ إلَى سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ إنّ بَنِي عَامِرٍ لَا تُجِيرُ عَلَى بَنِي كَعْب. فَبَعَثَ إلَى الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيّ، فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ ثُمّ تَسَلّحَ الْمُطْعِمُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَخَرَجُوا حَتّى أَتَوْا الْمَسْجِدَ، ثُمّ بَعَثَ إلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ اُدْخُلْ فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَصَلّى عِنْدَهُ ثُمّ انْصَرَفَ إلَى مَنْزِلِهِ فَذَلِكَ الّذِي يَعْنِي حَسّانُ بن ثَابت.
مدح حسان لهشام بن عَمْرو لقِيَامه فِي الصَّحِيفَة:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسّانُ بن ثَابت الانصاري أَيْضًا: يَمْدَحُ هِشَامَ بْنَ عَمْرٍو لِقِيَامِهِ فِي الصّحِيفَةِ:
هَلْ يُوفِيَنّ بَنُو أُمَيّةَ ذِمّةً ... عَقْدًا كَمَا أَوْفَى جِوَارُ هِشَامِ
مِنْ مَعْشَرٍ لَا يَغْدِرُونَ بِجَارِهِمْ ... لِلْحَارِثِ بْنِ حُبَيّبِ بْنِ سُخَامِ
ــ
قُبْحَ فِي حَذْفِهِ إذَا دَلّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ كَمَا فِي هَذَا الْبَيْتِ.
وَذَكَرَ قَوْلَ حَسّانَ فِي هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَالَ فِيهِ لِلْحَارِثِ بْنِ حُبَيّبِ بْنِ سُخَامٍ وَقَدْ تَقَدّمَ نَسَبُهُ وَهُوَ حُبَيْبٌ بِالتّخْفِيفِ تَصْغِيرُ حِبّ وَجَعَلَهُ حَسّانُ تَصْغِيرَ حَبِيبٍ فَشَدّدَهُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الضّرُورَةِ إذْ لَا يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ فِي فُلَيْسٍ فُلَيّسٍ وَلَا فِي كُلَيْبٍ كُلَيّبٍ فِي شِعْرٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلَكِنْ لَمّا كَانَ الْحِبّ وَالْحَبِيبُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ جَعَلَ أَحَدُهُمَا مَكَانَ الْآخَرِ وَهُوَ حَسَنٌ فِي الشّعْرِ وَسَائِغٌ فِي الْكَلَامِ وَهِشَامُ بْنُ عَمْرٍو هَذَا أَسْلَمُ، وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي الْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا فِيمَا ذَكَرُوا.
وَقَوْلُهُ ابْنُ سُخَامٍ هُوَ اسْمُ أُمّه، وَأَكْثَرُ أَهْلِ النّسَبِ يَقُولُونَ فِيهِ شُحَام بِشِينِ مُعْجَمَةٍ وَأَلْفَيْت فِي حَاشِيَةِ كِتَابِ الشّيْخِ أَنّ أَبَا عُبَيْدَةَ النّسّابَة وَعَوَانَةَ يَقُولُونَ فِيهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute