للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْ تَتْرُكُوا مَاءً بِجِزْعَةِ أَطْرِقَا ... وَأَنْ تَسْأَلُوا: أَيّ الْأَرَاكِ أَطَايِبُهْ؟

فَإِنّا أُنَاسٌ لَا تُطَلّ دِمَاؤُنَا ... وَلَا يَتَعَالَى صَاعِدًا مَنْ نُحَارِبُهْ

وَكَانَتْ الظّهْرَانُ وَالْأَرَاكُ مَنَازِلَ بَنِي كَعْبٍ مِنْ خُزَاعَةَ. فَأَجَابَهُ الْجَوْنُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ أَخُو بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو الْخُزَاعِيّ، فَقَالَ:

وَاَللهِ لَا نُؤْتِي الْوَلِيدَ ظُلَامَةً ... وَلَمّا قَرّوا يَوْمًا تَزُولُ كَوَاكِبُهْ

وَيُصْرَعُ مِنْكُمْ مُسْمِنٌ بَعْدَ مُسْمِنٍ ... وَتُفْتَحُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَسْرًا مَشَارِبُهْ

إذَا مَا أَكَلْتُمْ خُبْزَكُمْ وَخَزِيرَكُمْ ... فَكُلّكُمْ بَاكِي الْوَلِيدِ وَنَادِبُهْ

ثُمّ إنّ النّاس تَرَادّوا وَعَرَفُوا أَنّمَا يَخْشَى الْقَوْمُ السّبّةَ فَأَعْطَتْهُمْ خُزَاعَةُ بَعْضَ الْعَقْلِ وَانْصَرَفُوا عَنْ بَعْضٍ. فَلَمّا اصْطَلَحَ الْقَوْمُ قَالَ الْجَوْنُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ:

وَقَائِلَةٍ لَمّا اصْطَلَحْنَا تَعَجّبًا ... لِمَا قَدْ حَمَلْنَا لِلْوَلِيدِ وَقَائِلِ

أَلَمْ تُقْسِمُوا تُؤْتُوا الْوَلِيدَ ظُلَامَةً ... وَلَمّا تَرَوْا يَوْمًا كَثِيرَ الْبَلَابِلِ

ــ

فَصْلٌ: وَذَكَرَ شِعْرَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَفِيهِ:

وَأَنْ تَتْرُكُوا مَاءً بِجِزْعَةِ أَطْرِقَا

وَالْجِزْعَةُ وَالْجَزْعُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَهُوَ مُعْظَمُ الْوَادِي، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيّ: هُوَ مَا انْثَنَى مِنْهُ وَأَطْرِقَا اسْمُ عَلَمٍ لِمَوْضِعِ سُمّيَ بِفِعْلِ الْأَمْرِ لِلِاثْنَيْنِ فَهُوَ مَحْكِيّ لَا يُعْرَبُ وَقِيلَ إنّ أَصْلَ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ أَنّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مَرّوا بِهَا خَائِفِينَ فَسَمِعَ أَحَدُهُمْ صَوْتًا، فَقَالَ لِصَاحِبَيْهِ أَطْرِقَا، أَيْ أَنْصِتَا، حَتّى نَرَى مَا هَذَا الصّوْتُ فَسُمّيَ الْمَكَانُ بِأَطْرِقَا، وَاَللهُ أَعْلَمُ.

وَذَكَرَ شِعْرَ الْجَوْنِ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ وَفِيهِ:

أَلَمْ تُقْسِمُوا تُؤْتُوا الْوَلِيدَ ظُلَامَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>