للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَحْنُ خَلَطْنَا الْحَرْبَ بِالسّلْمِ فَاسْتَوَتْ ... فَأَمّ هَوَاهُ آمِنًا كُلّ رَاحِلِ

ثُمّ لَمْ يَنْتَهِ الْجَوْنُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ حَتّى افْتَخَرَ بِقَتْلِ الْوَلِيدِ وَذَكَرَ أَنّهُمْ أَصَابُوهُ وَكَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا. فَلَحِقَ بِالْوَلِيدِ وَبِوَلَدِهِ وَقَوْمِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا حَذّرَهُ.

فَقَالَ الْجَوْنُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ:

أَلَا زَعَمَ الْمُغِيرَةُ أَنّ كَعْبًا ... بِمَكّةَ مِنْهُمْ قَدْرٌ كَثِيرُ

ــ

أَرَادَ أَنْ تُؤْتُوا، وَمَعْنَاهُ أَنْ لَا تُؤْتُوا كَمَا جَاءَ فِي التّنْزِيلِ {يُبَيّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلّوا} [النّسَاءَ: ١٧٦] فِي قَوْلِ طَائِفَةٍ وَمَعْنَاهُ عِنْدِي: كَرِهَ لَكُمْ أَنْ تَضِلّوا، وَقَدْ قَدّمْنَا فِي الْجُزْءِ قَبْلَ هَذَا كَلَامًا عَلَى أَنْ وَمُقْتَضَاهَا وَشَيْئًا مِنْ أَسْرَارِهَا فِيهِ غُنْيَةٌ وَإِذَا كَانَ الْكَلَامُ مَحْمُولًا عَلَى مَعْنَاهُ فَالنّصْبُ جَائِزٌ وَالرّفْعُ جَائِزٌ أَيْضًا، كَمَا أَنْشَدُوا:

أَلَا أَيّهَذَا الزّاجِرِي أَحْضُرَ الْوَغَى

بِنَصْبِ أَحْضُرَ وَرَفْعِهِ وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:

وَنَهْنَهَتْ نَفْسِي بَعْدَمَا كِدْت أَفْعَلَهُ

يُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَهُ وَإِذَا رَفَعْت فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَمْ يُذْهِبْ الرّفْعُ مَعْنَى أَنْ فَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ: مُرْهُ يَحْفِرُهَا، وَقَدّرَهُ تَقْدِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرِيدَ الْحَالَ أَيْ مُرْهُ حَافِرًا لَهَا، وَالثّانِي: أَنْ يُرِيدَ مُرْهُ أَنْ يَحْفِرَهَا، وَارْتَفَعَ الْفِعْلُ لَمّا ذَهَبَتْ أَنْ مِنْ اللّفْظِ وَبَيّنَ ابْنُ جِنّيّ الْفَرْقَ بَيْنَ التّقْدِيرَيْنِ وَقَالَ إذَا نَوَيْت أَنْ فَالْفِعْلُ مُسْتَقْبَلٌ وَإِذَا لَمْ تَنْوِهَا فَالْفِعْلُ حَاضِرٌ وَهَاهُنَا مَسْأَلَةٌ مِنْ الْعَرَبِ ذَكَرَهَا الطّبَرِيّ، قَالَ الْعَرَبُ تَقُولُ لِمَنْ تَوَجّهَ فِي أَمْرٍ تَصْنَعُ مَاذَا وَتَفْعَلُ مَاذَا؟ عَلَى تَقْدِيرِ تُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ مَاذَا، فَإِذَا قَالُوا: تُرِيدُ مَاذَا لَمْ يَكُنْ إلّا رَفْعًا، لِأَنّ الْمَعْنَى الّذِي يَجْلِبُ مَعْنَى أَنْ النّاصِبَةِ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>