للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ط: "هَذَا الرَّجَزُ لَا أَعْلَمُ قَائِلَهُ وَبَعْدَهُ:

رِجْلِي وَرِجْلِي [شَثْنَةُ] (١) المَنَاسِمِ (٢)

يَقُولُ: هَدَّدَنِي بِالسِّجْنِ وَالأَدَاهِم، وَهِيَ الكُبُولُ، وَاحِدُهَا: أَدْهَمُ، وَلَمْ يَعْلَمُ بِأَنَّ رِجْلِي "شَثْنَةٌ" لا تُبَالِي بِذَلِكَ وَلَا تَكْتَرِثُ لَهُ وَ"الشَّثْنَةُ": الغَلِيظَةُ الخَشِنَةُ. وَ"المَنَاسِمُ": جَمْعُ مَنْسِمِ وَهْوَ طَرَفُ خُفِّ البَعِيرِ، فَاسْتَعَارَهُ لِلإِنْسَانِ، وَحَسَّنَ ذَلِكَ هَا هُنَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَلَدِهِ وَقُوَّتِهِ، وَبِذَلِكَ يَصِفُونَ أَنْفُسَهُمْ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ الْآخَرِ: (رجز)

أَصْبَرُ مِنْ ذِي ضَاغِطٍ عَرَكْرَكِ … أَلْقَى بَوَانِي زَوْرِهِ لِلْمَبْرَكِ (٣)

وَقَوْلُهُ: "رِجْلِي" بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: "أَوْعَدَنِي": وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا ثَانِيًا حَذَفَ مِنْهُ حَرْفُ الجَرِّ اخْتِصَارًا، كَأَنَّهُ أَرَادَ لِـ "رِجْلِيَ" وَأَتَى بِالرِّجْلِ الثَّانِيَةِ مُظْهَرَةٍ غَيْرَ مُضْمَرَةٍ تَعْظِيمًا لأمْرِهَا وَإِشَادَةً بِذِكْرِهَا، لأَنَّهَا وَقَعَتْ فِي جُمْلَةٍ ثَانِيَةٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِنَا: إِنَّهُ إِنَّمَا يَفْسُحُ إِظْهَارُ المُضْمَرِ إِذَا كَانَ فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ" (٤).

ع: السِّيَرافِيُّ (٥): "رِجْلِي" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ المُتَكَلِّمِ


(١) في الأصل [شتنة] ولعل الصواب ما أثبتناه، لأن الشثنة - بتاء مثلثة -: الغليظة وهي ما قصده الراجز.
(٢) ينظر تخريجه مع البيت الشاهد. والبيت من شواهد النحو الشعرية في باب البدل، والشاهد فيه: "رجلي" وهي بدل بعض من ياء المتكلم في "أوعدني".
(٣) البيت لحلحلة بن أشيم الفزاري، وكان عبد الملك قد أقعده ليقتله وقال له: صبرا حلحل؟ فأجابه: (البيت). والبيت في البرصان والعرجان: ٢٤٥؛ والكامل: ٤/ ٨٢؛ واللسان (ضغط). والضاغط: الورم في غبط البعير، والعركرك: القوي الغليظ. البواني: القوائم والأكتاف. التاج (ضعط - عرك). النهاية في غريب الحديث: ١/ ١٦٤.
(٤) الاقتضاب: ٣/ ٢١٥ - ٢١٦.
(٥) هو أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي، نحوي لغوي أديب عالم بالعروض والشعر والقوافي (ت ٢٨٤ هـ). ترجمته في طبقات الزبيدي: ١١٩؛ تاريخ بغداد: ٧/ ٣٤١؛ إنباه الرواة: ١/ ٣٤٨؛ وفيات الأعيان: ٢/ ٧٨؛ كشف الظنون: ١/ ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>