للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"قوله: أراني يجوز أن يكون من رؤية العلم فيكون "طربًا" معقولًا ثابتًا، وأن يكون من رؤية العين فتكون حالًا لأن هذا مما يرى بالقلب والعين، والأول أجود لقوله: أراني، فعدى فعل الضمير المتصل إلى الضمير المتصل وهما جميعًا للمتكلم … وقد جاء ذلك في الأفعال المتعدية إلى مفعول واحد إلا أنه قليل قالوا: فقدتني وعدمتني ورأيتني، قال قيس بن ذريح: (طويل)

نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي فَقَدْتُنِي … كَمَا يَنْدَمُ الْمَغْبُونُ حِينَ يَبِيعُ

وقال عنترة: (كامل)

فَرَأَيْتُنَا مَا بَيْنَنَا مِنْ حَاجِزٍ … إِلَّا الْمِجَنّ وَنَصْلُ أَبْيَضُ مِقْصَلِ

واستعمله أبو الطيب فقال: (متقارب)

يَرَى حَدُّهُ غَامِضَاتِ الْقُلُوبِ … إِذَا كُنْتُ فِي هَبْوَةٍ لَا أَرَانِي" (١)

* كما أنه يلجأ إلى تصويب رواية الأبيات الشعرية مثال تصويبه لبيت عبيد يقول: "وهذا البيت رواه أبو عبيدة هكذا، وهو فاسد الوزن ينقص من شطره الأول جزء وذكر أن الخليل بن أحمد أصلحه فقال: (متقارب)

هِيَ الْخَمْرُ يَكْنُونَهَا بِالطِّلَاءِ … كَمَا الذِّئْبُ يُكْنَى أَبَا جَعْدَهْ

وتصويبه لبيت أعشى باهلة يقول: "والبيت مركب من بيتين، وصحة إنشاده:

لَا يَتَأَرَّى لِمَا فِي الْقِدْرِ يَرْقُبُهُ … وَلَا تَرَاهُ أَمَامَ الْقَوْمِ يَقْتَفِرُ

لَا يَغْمِزُ السَّاقَ مِنْ أَيْنِ وَلَا وَصَبٍ … وَلَا يَعَضُّ عَلَى شُرْسُوفِهِ الصَّفَرُ

وكذا أنشده أبو العباس المبرد في "الكامل" (٢).

* كما يورد أبياتًا كانت سبب تسمية أصحابها مثل بيت جران العود قوله: "وسمي جران العود لأنَّه صنع سوطًا من باطن حلقوم البعير وهو جرانه، والعود: المسن من الإبل فجعله في الدباغ وهدد به زوجتيه فقال: (طويل)


(١) الانتخاب: ١٤١.
(٢) الانتخاب: ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>