للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ط: "هُوَ لأَعْشَى بَكْرٍ يَمْدَحُ الْمُحَلَّقَ بْنَ حَنْتَمٍ الْكِلَابِيِّ (١)، وَكَانَ خَامِلَ الذِّكْرِ، وَلَهُ بَنَاتٌ لَا يُخْطَبْنَ رَغْبَةً عَنْهُنَّ، فَمَرَّ بِهِ الأَعْشَى فَنَحَرَ لَهُ نَاقَةً لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَيْرُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَهُ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، تُشِيدُ بِذِكْرِي فَلَعَلِّيَ أُشْهَرُ، وَيُرْغَبُ فِي بَنَاتِي. فَأَنْشَدَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ بِعُكَاظَ (٢) فَلَمْ يُمْسِ حَتَّى خُطِبَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنَاتِهِ. وَقَبْلَ الْبَيْتِ: (طويل)

لَعَمْرِي لَقَدْ لَاحَتْ عُيُونٌ كَثِيرَةٌ … إِلَى ضَوْءِ نَارٍ فِي يَفَاعٍ تُحَرَّقُ

تُشَبُّ لِمَقْرُورَيْنِ يَصْطَلِيَّانِهَا … وَبَاتَ عَلَى النَّارِ النَّدَى وَالْمُحَلَّقُ

وَإِنَّمَا ذَكَرَ النَّارَ وَالْمُحَالَفَةَ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَالَفُونَ عَلَى النَّارِ وَجَعَلَ "النَّدَى" وَ"الْمُحَلَّقَ" كَالأَخَوَيْنِ اللَّذِيْنِ رَضِعَا لِبَانًا وَاحِدًا مِنْ ثَدْيِ أُمٍّ وَاحِدَةٍ، مُبَالَغَةً فِي وَصْفِهِ بِالْكَرَمِ.

وَ"عَوْضَ" بِمَعْنَى أَبَدًا، و"عَوَضَ" صَنَمٌ كَانَ لِبَكْرٍ بْنِ وَائِلٍ، وَقِيلَ: "هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الدَّهْرِ" (٣).

وَزَعَمَ الْمَازِنِيُّ أَنَّهُ: يُضَمُّ وَيُفْتَحُ وَيُكْسَرُ، وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا حَكَى فِيهِ الْكَسْرَ غَيْرَ الْمَازِنِي. وَأَصْلُهُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا كَقَوْلِهِمْ: لَا أَفْعَلُهُ عَوَضَ العَائِضِينَ. كَمَا يُقَالُ: دَهْرُ الدَّاهِرِينَ. ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى أَجَرَوْهُ مُجْرَى مَا يُقْسَمُ بِهِ.

وَفِي قَوْلِهِ: "بِأَسْحَمَ دَاجٍ" سَبْعَةُ أَقْوَالٍ:

قِيلَ: "هُوَ الرَّمَادُ، وَكَانُوا يَحْلِفُونَ بِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ: (منسرح)

حَلَفْتُ بِالْمِلْحِ وَالرِّمَادِ وَبِالنَّ … ارِ وَبِاللهِ نُسْلِمُ الْحَلَقَهْ (٤)


(١) من أشهر أسواق العرب بين نخلة والطائف؛ معجم البكري: ٣/ ٩٥٩؛ معجم البلدان: ٤/ ١٤٢.
(٢) ديوانه: ٢٧٥؛ المعاني الكبير: ١/ ٥٤٥؛ الكامل: ١/ ٢٥٧؛ العقد: ٥/ ٣٢٩؛ الحماسة المغربية: ١/ ١٥٥؛ درة الغواص: ٢١٨.
(٣) شرح الجواليقي: ٢١٦.
(٤) الشعر لهانئ بن قبيصة يوم ذي قار في الخزانة: ٧/ ٦٧ - ١٦٢؛ الأغاني: ٢٤/ ٧٤ ويروى (بالعزى - وباللات - الهمام منجدلا - يقرع - طرة). وبدون نسبة في الحيوان: =

<<  <  ج: ص:  >  >>