للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ط: "سُمِّي الْفَرْزَدَقُ لِأَنَّهُ كَانَ أَصَابَهُ جُدَرِيٌّ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ بَرَأَ مِنْهُ فَبَقِيَ وَجْهُهُ جَهْمًا. وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ ابن قُتيبةَ فِي تَلْقِيبِهِ بِالفَرَزْدَقِ فَقَالَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ: "وَالْفَرْزَدَقُ قِطَعُ العَجِينِ، وَاحِدَتُهَا فَرَزْدَقَةٌ" (١).

وَقَالَ فِي "طَبَقَاتِ الشُّعَرَاءِ": إِنَّمَا لُقِّبَ الفَرَزْدَقُ لِغِلَظِهِ وَقِصَرِهِ.

وَفِي قَوْلِهِ: "يَسْتَبِيلُهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

قِيل: مَعْنَاهُ: يَقُولُ لَهَا: مَا بَالُكِ؟

وَقِيلَ: مَعْنَى يَسْتَبِيلُهَا: يَسْعَى فِي الإِضْرَارِ بِهَا وَالْفَسَادِ، لأنَّ العَرَبَ تَضْرِبُ الْمَثَلَ فِي الْفَسَادِ بِالْبَوْلِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ النبيِّ : "ذَلِكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أذُنِهِ" (٢)، أَيْ: أَفْسَدَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ.

وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

إِذَا رَأَيْتَ أَنْجُمًا مِنَ الأَسَدْ … جَبْهَتَهُ أَوِ الخَرَاةَ وَالكَتَدْ (٣)

بَالَ سُهَيْلٌ فِي الفَضِيخِ فَفَسَدَ … وَطَابَ أَلْبَانَ اللِّقَاحِ وَبَرَدْ

وَ"الفَضِيخُ": شَرَابٌ يُصْنَعُ مِنَ التَّمْرِ، وَهُوَ يَفْسُدُ عِنْدَ طُلُوعِ سُهَيْلٍ (٤)، فَلَمَّا كَانَ طُلُوعُهُ سَبَبًا لِفَسَادِهِ جَعَلَ سُهَيْلًا كَأَنَّهُ بَالَ فِيهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَى يَسْتَبِيلُهَا: يَطْلُبُ بَوْلَهَا، لأَنَّ بَوْلَ الأُسْدِ يُصَرَّفُ فِي بَعْضِ العِلَاجَاتِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ الأَقْوَالِ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا الْبَيْتِ: (طويل)


= السمط: ٥/ ٩٥ (يمشي يخبب زوجتي)؛ أمالي القالي ١/ ٢٠؛ الفصول والغايات: ١١٩؛ شرح مقامات الحريري: ١/ ١٧٨؛ شرح أبيات المغني: ١/ ٢٢٦.
(١) أدب الكتاب: ٧٨؛ الغريب المصنف: ٢/ ٥٤٦.
(٢) مسلم: ١/ ٥٣٧؛ النسائي: ٣/ ٢٠٤ - ٢٠٥ "ذاك. أذنيه".
(٣) الرجز في: معاني القرآن للفراء: ١/ ١٢٩، ٢/ ١٠٨؛ العين: ٥/ ٣٢٥؛ مجالس العلماء: ٩٢ - ٩٣؛ غريب الحديث للخطابي: ١/ ٦٤٢؛ أمالي ابن الشجري: ٣/ ٩٥؛ الأزمنة والأمكنة: ١/ ٣١٨؛ الأنواء: ٦٢.
(٤) سهيل: نجم يطلع بالحجاز. الأنواء: ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>