للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ: حَجَجْتُ البَيْتَ عَنْ زَيْدٍ، أَيْ: نُبْتُ فِي ذَلِكَ مَنَابَهُ. وَفَعَلْتُ فِي ذَلِكَ مُرَادَهُ. فَيَكُونُ مَعْنَى: قَدْ قَتَل الله زِيَادًا عَنِّي أَيْ: فَعَلَ بِهِ مَا كُنْتُ أَفْعَلُ أَنَا بِهِ لَوْ قَدَرْتُ عَلَيْهِ. وَلَا يَكُونُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ جِنِّي.

فَعَلَى نَحْوِ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ مَا وَرَدَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ وَلَا يَجوزُ القِيَّاسُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ مَا سُمِعَ مِنْهُ فَهَذَا مَجَازُهُ، وَجَمِيعُ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ إِنَّمَا نَقَلَهُ مِنْ كِتَابِ يَعْقُوبَ بن السِّكِّيتِ فِي "الْمَعَانِي"، وَفِيهِ أَشْيَاءُ غَلِطَ فِيهَا يَعْقُوبُ فَاتَّبَعَهُ ابن قُتَيْبَةَ عَلَى غَلَطِهِ، وَأَشْيَاءَ يَصِحُّ أَنْ تَتَأَوَّلَ عَلَى غَيْرِ مَا قَالَهُ، وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ" (١).

قَوْلُهُ: فَلَا تَتْرُكَنِّي بِالوَعِيدِ (٢). (البيت)

ط: "يَقُولُهُ النَّابِغَةُ لِلنُّعْمَانِ بن الْمُنْذِرِ اللَّخْمِيِّ (٣) عِنْدَ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِ. وَالْوَعِيدُ: التَّهْدِيدُ. وَالْقَارُ هَا هُنَا: القَطِرَانُ. وَإِنَّمَا شَبَّهَ نَفْسَهُ بِالْبَعِيرِ الأَجْرَبِ المَطْلِيِّ بِالقَطِرَانِ، لأنَّ النَّاسَ يَطْرُدُونَهُ إِذَا أَرَادَ الدُّخُولَ بَيْنَ إِبِلِهِمْ لِئَلَّا يُعْدِيهَا بدَائِهِ، فَقَالَ لِلنُّعْمَانِ: إِنْ لَمْ تَعْفُ عَنِّي كُنْتُ كَهَذَا البَعِيرِ يَتَحَامَانِي النَّاسُ كَمَا يَتَحَامَوْنَهُ خَوْفًا مِنْكَ" (٤).

"وَبَيْتُ طَرَفَةَ (٥) يَصِفُ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ مَشْهُورُ الْمَكَانِ فِي الشَّرَفِ كَمَا قَالَ الأَحْوَصُ: (كامل)


(١) الاقتضاب: ٢/ ٢٦٢ - ٢٦٩؛ الخصائص: ٢/ ٣٠٨ - ٣١٤.
(٢) أدب الكتاب: ٥٠٦.
(٣) هو لنعمان بن المنذر بن امرئ القيس، كان يكنى أبا قابوس، وهو صاحب النابغة الذبياني. ترجمته في: المعارف: ٢٨٣؛ تاريخ الطبري: ٢/ ٦٥؛ مروج الذهب: ٢/ ٢٤٧؛ الأعلام: ٨/ ٣٥.
(٤) الاقتضاب: ٣/ ٣٤٠.
(٥) البيت هو:
وإن تلق الحي الجميع تلاقني … إلى ذروة البيت الرفيع المصمد
أنشده في أدب الكتاب: ٥٠٧؛ شرح الجواليقي: ٢٥٧؛ مختار الشعر الجاهلي: ١/ ٣١٥؛ جمهرة أشعار العرب: ٩/ ٤٣٦؛ أمالي ابن الشجري: ٢/ ٦٠٨؛ السمط: =

<<  <  ج: ص:  >  >>