للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَعَتْهُ أَشْهُرًا وَخَلَا عَلَيْهَا (١)

كَانَ الوَجْهُ أَنْ يَقُولَ: وَخَلَا لَهَا، وَلَكِنْ قَوْلُهُ: وَ "خَلَا لَهَا" يُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: إِنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهَا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ (٢) إِنَّمَا صَلُحَ ذِكْرُ "إِلَى" هَا هُنَا لأَنَّ مَنْ نَصَرَ فَقَدْ أَضَافَ نُصْرَتَهُ إِلَى نُصْرَةِ اللهِ تَعَالَى إِيَّاهُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ: (خفيف)

شَدَخَتْ غُرَّةُ السَّوَابِقِ فِيهِمْ … في وُجُوهٍ إِلَى اللِّمَامِ الجِعَادِ (٣)

إِنَّمَا صَلَحَ ذِكْرُ "إِلَى" هَا هُنَا، لأَنَّ الغُرَّةَ إِذَا شَدَخَتْ مَلأَتِ الجَبْهَةَ، فَوَصَلَتْ إلى اللِّمَّةِ.

وَقَدْ يُعَدُّونَ الفِعْلِ بِحَرْفِ الجَرِّ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُ إِذَا كَانَ فِي مَعْنَى مَا لَا يَتَعَدَّى إِلَّا بِهِ كَقَوْلِ الفَرَزْدَقِ:

قَدْ قَتَلَ اللهُ زِيَادًا عَنِّي (٤)

وَكَانَ لَا يَحْتَاجُ فِي تَعَدِّيهِ إِلَى "عَنْ" وَلَا غَيْرِهَا، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ اللهُ تَعَالَى قَدْ صَرَفَهُ عَنْهُ حِينَ قَتَلَهُ، أَجْرَى "قَتْلَ" مُجْرَى "صَرَفَ" هَذَا قَوْلُ ابْنِ جَنِّي (٥).


(١) البيت في ديوانه: ٦٧؛ وعجزه:
فطار الني فيها واستغارا
أنشده في أدب الكتاب: ٥١١؛ الاقتضاب: ٢/ ٢٦٨.
(٢) سورة آل عمران (٣): الآية ٥٢، وسورة الصف (٦١): الآية: ١٤.
(٣) البيت لابن مفرغ الحميري في ديوانه: ١١٨؛ الجمهرة: ٢/ ٢٠٠؛ الإنصاف: ١/ ٢٦٦؛ تأويل مشكل القرآن: ٥٧١؛ تهذيب اللغة: ٧/ ٧٥؛ الاقتضاب: ٢/ ٢٦٨، ٣/ ٣٧٦.
(٤) صدره:
كيف تراني قالبا مجني
النقائض: ٢/ ٦١٢؛ الخصائص: ٢/ ٣١٠ - ٣٤٥؛ شرح الحماسة للتبريزي: ١٢٧؛ وللمرزوقي: ١/ ٣١٥؛ المغني: ٢/ ٧٦١؛ شرح الأشموني: ١/ ٢٠٠؛ الجني الداني: ٢٤٥؛ الأشباه والنظائر: ١/ ٢٤٧.
(٥) الخصائص: ٢/ ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>