للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّمَا اسْتَعْمَلَ "فِي" مَكَانَ "عَلَى"، لأَنَّ ثِيَابَهُ إِذَا كَانَتْ عَلَيْهَا فَقَدْ صَارَتِ السَّرْحَةُ مَوْضِعًا لَهَا، كَمَا أَنَّ مَنْ رَكِبَ دَابَّةً وَاسْتَوَى عَلَيْهَا فَقَدْ صَارَ ظَهْرُهَا مَوْضِعًا لَهُ، فَتَأْوِيلُهُ تَأْوِيلُ الظَّرْفِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الآخَرِ: (طويل)

وَخَضْخَضْنَ فِينَا البَحْرَ (١)

إِنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَخَضْخَضْنَ بِنَا البَحْرَ، وَلَكِنْ خَضْخَضَتُهَا البَحْرَ، ثُمَّ إِنَّمَا هُوَ سَعْيٌ فِيمَا يُرْضِيهِمْ وَتَصَرُّفٌ فِي مُرَادِهِمْ. كَمَا أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: نَهَضْتُ بِزَيْدِ إِلَى السُّوقِ أَفَادَ قَوْلُكَ: [نَهَضْتُ بِهِ] (٢) مَا يُفيدُهُ قَوْلُكَ: سَعَيْتُ فِي مُرَادِهِ وَتَصَرَّفْتُ فِي أَمْرِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ زَيْدِ الخَيْلِ: (طويل)

وَتَرْكَبُ يَوْمَ الرَّوْعِ فِيهَا فَوَارِسٌ … بَصِيرُونَ فِي طَعْنِ الأَبَاهِرِ والكُلَى (٣)

إِنَّمَا كَانَ الوَجْهُ أَنْ يَقُولَ: بَصِيرُونَ بِطَعْنِ، وَلَكِنْ قَوْلُكَ: هُوَ بَصِيرٌ بِكَذَا يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى: هُو حَكِيمٌ فِيهِ مُتَصَرِّفٌ فِي وُجُوهِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ النَّابِغَةِ: (طويل)

فَلَا تَتْرُكَنِّي بِالْوَعِيدِ كَأَنَّنِي … إِلَى النَّاسِ مَطْلِيٌّ بِهِ القَارُ أَجْرَبُ (٤)

إِنَّمَا كَانَ وَجْهُهُ أَنْ يَقُولَ: "عِنْدَ النَّاسِ" أَوْ "فِي النَّاسِ"، وَلَكِنَّهُ إِذَا كَانَ عِنْدَهُمْ وَفِيهِمْ بِهَذِهِ المَنْزِلَةِ فَهُوَ مُبَغَّضٌ إِلَيْهِمْ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الرَّاعِي: (وافر)


(١) أنشده في أدب الكتاب: ٥١٠. وتمامه:
................ حتى قطعنه … على كل حال من غمار ومن وحل
الجواليقي: ٢٦٠؛ الاقتضاب: ٣/ ٣٥٢.
(٢) سقطت من الأصل؛ الاقتضاب: ٢/ ٢٦٧.
(٣) ديوانه: ١٤٩؛ الشعر والشعراء: ١/ ٢٨٧ - ٢٨٨؛ أمالي ابن الشجري: ٢/ ٨٠٦؛ أوضح المسالك: ٣/ ٩٣ وفي ٩/ ٤٣٩ نسب لزيد الخيل أو كعب بن زهير: ١٣١؛ شرح الجواليقي: ٢٦٠؛ النوادر ٨٠ - ٨١؛ الخزانة ٦/ ٢٥٤ ويروي: "رجال يردون".
(٤) ديوانه: ٧٨؛ شرح لامية العجم: ١/ ٣٧٦؛ الجمهرة: ٢/ ٤١٢؛ ضرائر ابن عصفور: ٢٣٥؛ الهمع: ٢/ ٢٠؛ شرح أبيات المغني: ٢/ ١٢٣؛ شرح الحماسة للشنتمري: ٢/ ٦٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>