للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "أَمَّا بَعْدُ" (١).

ط: "أَمَّا: حَرْفُ إِخْبَارٍ يَدْخُلُ عَلَى الْجُمَلِ الْمُسْتَأْنَفَةِ، وَيَتَضَمَّنُ مَعْنَى حَرْفِ الشَّرْطِ وَالْفِعْلِ الْمَشْرُوطِ بِهِ، وَلِذَلِكَ احْتَاجَ إِلَى الْجَوَابِ بِالْفَاءِ كَمَا يُجَابُ الشَّرْطُ، فَإِذَا قِيلَ: أَمَّا زَيْدٌ فَمُنْطَلِقٌ، فَمَعْنَاهُ: مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَزَيْدٌ مُنْطَلِقٌ، فَنَابَتْ "أَمَّا" مَنَابَ حَرْفِ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ "مَهْمَا"، مَنَابَ الْفِعْلِ الْمَجْزُومِ بِهِ، وَمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ فَاعِلِهِ. فَلِذَلِكَ ظَهَرَ بَعْدَهُ الْجَوَابَ وَلَمْ يَظْهَرِ الشَّرْطُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، وَجَوَابُهُ هُنَا الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: "فَإِنِّي رَأَيْتُ"" (٢).

ز: "الَّذِي يَلِي "أَمَّا" مُقَدَّمٌ مِمَّا بَعْدَ الْفَاءِ، وَلَا يَجُوزُ إِلَّا الْأَسْمَاءُ، لِأَنَّهَا نَائِبَةٌ عَنْ حَرْفِ الْجَزَاءِ وَالْفِعْلِ الْمُجَازَى بِهِ لِتَضَمُّنِهَا مَعْنَاهُمَا، وَلَا بُدَّ لِلْفِعْلِ مِنْ فَاعِلٍ، فَلِذَلِكَ وَلِيَتْهَا الْأَسْمَاءُ دُونَ الْأَفْعَالِ، فَإِذَا قُلْتَ: "أَمَّا عَبْدُ اللهِ فَمُنْطَلِقٌ" فَتَرْفَعُ مَا بَعْدَ "أَمَّا" بِالابْتِدَاءِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ مِمَّا بَعْدَ الْفَاءِ وَمَا بَعْدَ الْفَاءِ خَبَرهُ" (٣).

قال سيبويه (٤): "تَقْدِيرُهُ: مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَعَبْدُ اللهِ مُنْطَلِقٌ، فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ الْفَاءِ فِعْلٌ نَاصِبٌ عَمِلَ فِي الْاسْمِ الذي بعد "أَمَّا" فَنَصَبَهُ، وَزَالَ الْابْتِدَاءُ كَمَا يَزُولُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِدُخُولِ الْعَوَامِلِ فتقولُ: أَمَّا زَيْدًا فَلَقَيْتُ، وَأَمَّا عَمْرًا


(١) أدب الكتاب: ٥.
(٢) الاقتضاب: ١/ ٢٨.
(٣) تفسير رسالة أدب الكتاب: ٢٤ - ٢٥.
(٤) عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر الملقب بسيبويه، ولد في إحدى قرى شيراز سنة (١٤٨ هـ)، وفد البصرة حيث لزم الخليل ثم رحل إلى بغداد وناظر الكسائي، توفي بالأهواز سنة (١٨٠ هـ). تاريخ بغداد: ١٢/ ١٩٥؛ وفيات الأعيان: ٣/ ٤٦٣؛ الأعلام: ٥/ ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>