للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"سُؤَالِي" فِي مَوْضِعِ رَفعٍ. وَمَعْنَاهُ: أَنَّ سُؤَالِي لَا يَرُدُّ الدِّمْنَةَ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ.

وَمَنْ رَوَى "فَمَا تَرُدُّه" وَاعْتَقَدَ أَنَّهَا نَفْيٌ، جَازَ أَنْ يَقُولُ: "تَرُدُّ" بِلَفْظِ الثَّأْنِيثِ وَبِرَفْعِ الدِّمْنَةِ لَا غَيْرُ. وَجَازَ أَنْ يَقُولَ: "يَرُدُّ" بِلَفْظِ التَّذْكِيرِ، وَبِنَصْبِ الدِّمْنَةَ إِنْ شَاءَ، وَبِرَفْعِهَا إِنْ شَاءَ وَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ "مَا" اسْتِفْهَامٌ قَالَ: "يُرَدُّ" عَلَى لَفْظِ التَّذْكِيرِ، وَجَعَلَ "مَا" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِـ "يَرُدُّ". "وَسُؤَالِي" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ. وَنَصَبَ دِمْنَةً بِالسُّؤَالِ لَا غَيْرُ.

وَمَنْ رَوَى: "وَلَا يَرُدُّ سُؤَالِي" عَلَى لَفْظِ التَّذْكِيرِ نَصَبَ الدِّمْنَةَ، وَإِنْ شَاءَ رَفَعَهَا، وَمَنْ رَوَى: "وَلَا تَرُدُّ" عَلَى لَفْظِ التَّأْنِيثِ رَفَعَ الدِّمْنَةَ لَا غَيْرُ" (١).

وَقَوْلُهُ: "أَيْ: مَعَ حَسَبٍ" (٢).

"إِلَى" و "مَعَ" يَتَدَاخَلَانِ فِي مَعْنَيَيْهِمَا، فَيُوجَدُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَعْنَى صَاحِبَتِهَا، لأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ مَعَ الشَّيْءِ فَهُوَ مُضَافٌ إِلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ مُضَافًا إِلَيْهِ فَهُوَ مَعَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِذَا قَالَ: فُلَانٌ ظَرِيفٌ عَاقِلٌ إِلَى حَسَبٍ، فَمَعْنَاهُ: أَنَّ لَهُ ظُرْفًا وَعَقْلًا مُضَافَيْنِ إِلَى حَسَبٍ. وَكَذَلِكَ جَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا البَابِ.

وَأَمَّا قَوْلُ ابْنُ مُفَرَّغٍ:

شَدَخَتْ غُرَّةُ السَّوَابِقِ (٣) (البَيْتَ)

فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ هَذَا البَابِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ غُرَرَهُمْ شَدَخَتْ فِي وجُوهِهِمْ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى اللِّمَامِ، فَلَا يَكُونُ مِنْ هَذَا البَابِ" (٤).

"وَيَصِفُ ابن مَفَرِّغٍ قَوْمًا مَدَحَهُمْ وَأَرَادَ أَنَّهُمْ مَشْهُورُونَ بِالسَّبْقِ إِلَى


(١) الاقتضاب: ٣/ ٣٧٤ - ٣٧٥.
(٢) أدب الكتاب: ٥١٥: "إلى" بمعنى "مع" يقال: إن فلانًا ظريف عاقل إلى حسب ثاقب، أي: مع حسب.
(٣) ديوانه: ١٨٨. وتمامه:
.......................... فيهم … في وجوه إلى اللمام الجعاد
(٤) الاقتضاب: ٢/ ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>