للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا زَيْدٌ فَمُنْطَلِقٌ، لِيَكُونَ مَا بَعْدَهَا تَابِعًا لِمَا قَبْلَهَا عَلَى أَصْلِ مَوْضُوعِهَا" (١).

د: "وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ "أَمَّا" أُخْرَى وَهِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ حَرْفَيْنِ مِنْ "أَنْ" وَ"مَا" وَذَلِكَ قَوْلُكَ: أَمَّا أَنْتَ مُنْطَلِقًا انْطَلَقْتُ مَعَكَ، وَأَمَّا أَنْتَ سَائِرًا سِرْتُ مَعَكَ، قَالَ سِيْبَوَيْهُ: "تَقْدِيرُهُ أَنْ كُنْتَ سَائِرًا سِرْتُ مَعَكَ" (٢). فَمَوْضِعُ "أَنْ" نَصْبُ مَفْعُولٍ مِنْ أَجْلِهِ، وَاخْتُزِلَتْ كَانَ مِنَ اللَّفْظِ وَأُضْمِرَتْ، وَزِيدَتْ "مَا" عَوَضًا مِنْ حَذْفِ الْفِعْلِ، وَلَا تَكُونُ "أَمَّا" هَذِهِ إِلَّا مَفْتُوحَةً كَمَا تَرَى، وَالْخَبَرُ مَنْصُوبٌ كَمَا شَرَحْتُ لَكَ. وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهُ: (البسيط)

أَبَا خُرَاشَةَ أَمَّا أَنْتَ ذَا نَفَرٍ … فَإِنَّ قَوْمِي لَمْ تَأْكُلُهُمُ الضَّبُعُ (٣)

الضَّبُعُ: السَّنَةُ الْمُجْدِبَةُ الشَّدِيدَةُ (٤).

قَالَ: وَمِثْلُ لُزُومِ "مَا" هَا هُنَا عَوَضًا قَوْلُهُمْ: "إِمَّا لَا" أَلْزَمُوهَا "مَا" عَوَضًا مِنَ الْفِعْلِ، كَأَنَّهُ قَالَ: افْعَلْ كَذَا إِنْ كُنْتَ لَا تَفْعَلُ غَيْرَهُ، فَوَضَعَ "إِمَّا لَا" مَوْضِعَهُ.

وَقَالَ الْهَرَوِيُّ (٥): "إِمَّا لَا" مَعْنَاهَا "إِلَّا"، وَ"مَا" صِلَةٌ أَيْ زَائِدَةٌ [. . .] (٦) حدة وأملت، وَلَوْ انْفَرَدَتْ "لَا" وَحْدَهَا، لَمْ تَجُزْ فِيهَا الْإِقَالَةُ، وَلَا تَكُونُ إِلَّا


(١) الاقتضاب: ١/ ٣١.
(٢) الكتاب: ١/ ٢٩٣.
(٣) البيت لعباس بن مرداس السلمي في ديوانه: ١٠٦. روايته: أمَّا كُنْتَ. وهو من الشواهد النحوية، في الكتاب: ١/ ١٤٨؛ الحيوان ٦/ ٤٤١؛ غريب الحديث لأبي عبيد: ٣/ ٤٧؛ المغني ٥٤؛ أمالي ابن الشجري: ١/ ٤٩؛ الخزانة: ٤/ ١٣؛ الشعر والشعراء: ١/ ٢٥٨؛ المحكم: ١/ ٢٥٧.
(٤) تفسير الزجاجي: ٢٥.
(٥) أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الباشاني، أبو عبيد الهروي، من أهل هرات بخراسان، توفي سنة (٤٠١ هـ)، له: كتاب الغريبين، وغريب القرآن، وغريب الحديث. إنباه الرواة: ٤/ ١٥٠؛ وفيات الأعيان: ١/ ٢٨؛ بغية الوعاة: ١/ ٣٧١؛ الأعلام: ١/ ٢١٠.
(٦) بياض في الأصل (خ).

<<  <  ج: ص:  >  >>