للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لأَنَّ صَخْرَ الغَيِّ قَالَ فِي شِعْرِهِ: (وافر)

لَيْتَ مُبَلِّغًا يَأْتِي بِقَوْلِي … لِقَاءَ أَبِي المُثَلَّم لَا يَرِيثُ (١)

فَيُخْبِرَهُ بِأَنَّ العَقْلَ عِنْدِي … جُرَازٌ لَا أَفَلُّ وَلَا أَنِيثُ

وَ"العَقْلُ": الدِّيَّةُ. أَيْ: لَا دِيَّةَ عِنْدِي إِلَّا السَّيْفُ الجُرَازُ. وَفِي هَذَا البَيْتِ غَلَطَانِ:

هَذَا غَلِطَ فِيهِ يَعْقُوبَ فَاتَّبَعَهُ عَلَى غَلَطِهِ، وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ فِي "كِتَابِ المَعَانِي": "مَتَى أَقْطَارِهَا". وَقَالَ: أَرَادَ مِنْ أَقْطَارِهَا. وَحَكَى أَنَّ هُذَيْلًا تَسْتَعْمِلُ "مَتَى" بِمَعْنَى "مِنْ"، وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: يُرِيدُ كَتِيبَةً، أَيْ: مَتَى مَا تَقُولُوا: مَا هَذِهِ؟ فَتَشُكُّوا فِيهَا، تَرِدْ عَلَيْكُمْ فِيهَا الدِّمَاءَ تَنْفُثُهَا نَفْثًا.

[وَكَذَلِكَ قَالَ السُّكَّرِيُّ (٢) فِي "أَشْعَارِ الهُذَلِيينَ"] (٣).

وَالغَلَطُ الثَّانِي: هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ يَخْتَصُّ الأَصْمَعِيَّ، لأَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَالَهُ، وَزَعَمَ أَنَّ الهَاءَ فِي "تُنْكِرُوهَا "ضَمِيرُ الكَتِيبَةِ، أَيْ: مَتَى مَا أَنْكَرَتُمْ هَذِهِ الكتِيبَةَ عَرَفْتُمُوهَا بِهَذِهِ العَلَامَةِ، يَسِيلُ مِنْ أَقْطَارِهَا الدَّمُ (٤).

وَهَذَا تَفْسِيرٌ طَرِيفٌ، لأَنَّ الشَّاعِرَ لَمْ يَذْكُرَ فِي هَذَ الشِّعْرِ كَتِيبَةً لَا قَبْلَ البَيْتِ وَلَا بَعْدَهُ. وَهُوَ أَوَّلُ الشِّعْرِ: (وافر)

أَنَسْلَ بَنِي شِغَارَةَ مَنْ لِصَخْرٍ … فَإِنِّي عَنْ تَفَقُّرِكُمْ مَكِيثُ (٥)

لحَقُّ بَنِي شِغَارَةَ أَنْ يَقُولُوا … لِصَخْرِ الغَيِّ مَاذَا تَسْتَمِيثُ

وَبَنُو شِغَارَةَ: رَهْطُ صَخْرٍ، وَشِغَارَةَ لَقَبٌ لِصَخْرٍ. وَيُرْوَى بِالغَيْنِ وَالعَيْنِ.


(١) ديوان الهذليين: ٢/ ٢٢٣.
(٢) هو أبو سعيد الحسن بن الحسين بن عبيد الله السكري، راوية عالم بالأدب من أهل البصرة، (ت ٢٧٥ هـ). ترجمته في: تاريخ بغداد: ٧/ ٢٩٦ إنباه الرواة: ١/ ٣٢٦؛ إرشاد الأريب: ٨/ ٩٤؛ المنتظم: وفيات (٢٧٥ هـ)؛ الأعلام: ٢/ ١٨٨.
(٣) زيادة من الشارح وليست في الاقتضاب.
(٤) ديوان الهذليين: ١/ ٢٦٤.
(٥) البيتان لأبي المثلم الهذلي كما في ديوان الهذليين: ٢/ ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>