للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرِبَتْ سُمِعَ لِلْمَاءِ صَوْتٌ فِي أَجْوَافِهَا كَمَا قَالَ الرَّاعِي: (كامل)

فَسَقَوْا صَوَادِيَ يَسْمَعُونَ عَشِيَّةً … لِلْمَاءِ فِي أَجْوَافِهِنَّ صَلِيلَا (١)

وَالضَّمِيرُ مِنْ قَوْلِهِ: "فِي أَجْوَافِهَا" يَعُودُ عَلَى هَجْمَةٍ ذَكَرَهَا فِي أَوَّلِ هَذَا الشِّعْرِ فَقَالَ:

أَنْتَ وَهَبْتَ هَجْمَةً جُرْجُورَا … أَدْمًا وَعِيسًا مُعُصًا خُبُورَا (٢)

وَ"الهَجْمَةُ" مِنَ الإِبِلِ: مَا زَادَ عَلَى الأَرْبَعِينَ. وَ"الجُرْجُورَ": العِظَامُ الخَلْقِ. وَالأُدْمُ هَا هُنَا: السُّمْرُ، وَالمَعْرُوفُ فِي الأُدُمِ إِذَا وُصِفَ بِهَا الإِبلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا البِيضُ، وَفِي بَنِي آدَمَ السُّمْرُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّهُ أَرَادَ السُّمْرَ، لأَنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ العِيسَ، وَهِيَ البيضُ تَعْلُوهَا حُمْرَةٌ. وَ "المُعُصُ" و "المُلُصُ": البيضُ. وَ"الخُبُورُ الغِزَارُ": الكَثِيرَةُ اللَّبَنِ. وَأَصْلُ الخُبُورِ المَزَادُ المَمْلُوءَةُ بِالمَاءِ. شَبَّهَ بِهَا الإِبِلَ لِكَثْرَةِ لَبَنِهَا" (٣).

"وَبَيْتُ عَمْرٍو بْنِ قُمِيئَةَ اليَشْكُرِيِّ (٤) مِمَّا غَلِطَ فِيهِ يَعْقُوبُ فِي كِتَابِ "المَعَانِي" فَاتَّبَعَهُ ابن قُتَيبَةَ عَلَى غَلَطِهِ، وَمِنْهُ نَقَلَ ابن قُتَيْبَةَ أَكْثَرَ هَذِهِ الْأَبْوَابِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا البَيْتِ حَرْفٌ أُبْدِلَ مِنْ حَرْفٍ، وَلَيْسَتْ "مَا" فِيهِ زَائِدَةً عَلَى مَا قَالَ، وَإِنَّمَا البَاءُ هَا هُنَا بِمَعْنَى القَسَمِ، وَ"مَا" اسْتِفْهَامٌ فِي مَوْضِعِ رَفَعٍ بِالابْتِدَاءِ و"قَوْمِي" خَبَرُهُ.

وَالمَعْنَى بِحَقِّ المَوَدَّةِ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، أَيُّ شَيْءٍ قَوْمِي فِي الكَرَمِ وَالجُودِ عِنْدَ هُبُوبِ الشَّمَالِ؟ يُرِيدُ زَمَانَ الشِّتَاءِ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَتمَدَّحُونَ بِإِطْعَامِ الطَّعَامِ فِيهِ:


(١) ديوانه ٢٢٣؛ الجمهرة: ١/ ١٠٢ الحيوان: ٤/ ٤١٨ غريب الحديث: ١/ ٢٥٤.
(٢) ديوان العجاج: ٣٣٦؛ اللسان: (معص) بدون عزو. ويروى: "سودا أو بيضًا معصًا".
(٣) الاقتضاب: ٣/ ٣٨٩ - ٣٩٠.
(٤) أنشده في أدب الكتّاب: ٥٢٠. وهو:
بودك ما قومي على أن تركتهم … سلمى إذا همت شمال وريحها
سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>