للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا لَزِمَ أَنْ تَكُونَ هُنَا زَائِدَةً، لأَنَّ الفَاعِلَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى وَاسِطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فِعْلِهِ، لِشِدَّةِ اتَّصَالِهِ، وَالمُبْتَدَأُ سَبِيلُهُ أَنْ يَكُونَ مُعَرَّى مِنَ العَوَامِلِ اللَّفْظِيَّةِ.

وَأَمَّا البَاءُ الَّتِي فِيهَا خِلَافٌ، فَكُلُّ بَاءٍ دَخَلَتْ عَلَى مَعْمُولٍ وَعَامِلُهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَدَّى إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ وِسَاطَةِ حَرْفٍ بَيْنَهُمَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ (١). وَقَوْلِ أَبِي ذُؤيبٍ:

شَرِبْنَ بِمَاءِ البَحْرِ (٢)

فَللنَّحْوِيينَ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ البَاءَاتِ أَقْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ. وَلَكِنَّا نَذْكُرَ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الكِتَابُ مِنْهَا إِنْ شَاءَ الله" (٣).

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ (٤)، فَإِنَّهُ يُقْرَأُ بِفتح التاءِ وَضَمِّهَا، فَمَنْ قَرَأَهُ بِالفَتْحِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ القُرَّاءِ (٥)، فَإِنَّهَا غَيْرُ زَائِدَةٍ. وَمَنْ قَرَأَ بِضَمِّ التَّاءِ، وَهِيَ قَرَاءَةُ أَبِي عَمْرٍو وَابْنِ كَثِيرٍ (٦)، فَفِي هَذِهِ القِرَاءَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: مَا ذَكَرَهُ ابن قُتَيْبَةَ (٧) مِنْ زِيَادَةِ البَاءِ، وَأَحْسِبُهُ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَيُقَوِّي هَذَا القَوْلَ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الله بن مَسْعُودٍ (٨) أَنَّهُ قَرَأَ: "تُخْرِجُ الدُّهْنَ".


= ١/ ١٧٠ شروح المفصل: ٢/ ١١٥ ونسب في معجم الشعراء: ٣٥ لعمرو بن ثعلبة بن همام الشيباني. وهو بدون نسبة في الفصول والغايات: ٣ المعاني الكبير: ١/ ٤٩٦؛ الحيوان: ١/ ٣٦١.
(١) سورة الإنسان الآية ٦.
(٢) سبق تخريجه، وتمامه:
....................... ثم ترفعت … متى لجج خضر لهن نئيح
(٣) الاقتضاب: ٢/ ٢٩٥ - ٢٩٩.
(٤) سورة المؤمنون: الآية ٢٠؛ أدب الكتّاب: ٥٢٠.
(٥) ينظر: الكشف عن وجوه القراءات: ١/ ١٢٧؛ النشر: ٢/ ٣١٥؛ تفسير الألوسي: ٩/ ٢١؛ تفسير ابن كثير: ٣/ ٢٣٤.
(٦) هو عبد الله بن كثير أبو محمد البغدادي، أحد القرّاء السبعة (ت ١٢٠ هـ). ترجمته في: طبقات ابن سعد: ٥/ ٤٨٤ وفيات الأعيان: ٣/ ٤١ غاية النهاية: ١/ ٤٤٣؛ تهذيب التهذيب: ٥/ ٣٦٧.
(٧) أدب الكتّاب: ٥٢٠.
(٨) هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي أبو عبد الرحمن، صحابي جليل،=

<<  <  ج: ص:  >  >>