للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقُمْنَا وَلَمَّا يَصِحْ دِيكُنَا … إِلَى جَوْنَةٍ عِنْدَ حَدَّادِهَا (١)

وَسُمِّيَ الْحَدِيدُ حَدِيدًا، لِامْتِنَاعِهِ مِنَ التَّأْثِيرِ فِيهِ. وَأَرَادَ بِالْمَجْدُودِينَ، أَهْلَ الْأَمْوَالِ وَالْجَاهِ فِي الدُّنْيَا، وَبِالْمَحْدُودِينَ أَهْلَ الْأَدَبِ الَّذِينَ حُدُّوا عَنِ الرِّزْقِ، أَيْ مُنِعُوا مِنْهُ.

وقوله: "فَالْعُلَمَاءُ مَغْمُورُونَ" (٢):

ط: "كَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ يَرْوِيهِ بِالرَّاءِ، وَكَانَ ابْنُ الْقَوْطِيَةِ (٣) يَرْوِيهِ بِالزَّاي، وَلِكُلٍّ وَجْهٌ، مَنْ رَوَاهُ بِالرَّاءِ فَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ: غَمَرَهُ الْمَاءُ: إِذَا غَطَّاءُ، يُقَالُ: رَجُلٌ مَغْمُورٌ، إِذَا كَانَ خَامِلَ الذِّكْرِ، يُرَادُ أَنَّ الْخُمُولَ قَدْ أَخْفَاهُ وَغَطَّاهُ كَمَا يَغْمُرُ الْمَاءُ الشَّيْءَ، أَيْ: يُغَطِّيهِ. وَمَنْ رَوَاهُ مَعْمُوزُونَ بِالزَّايِ، فَمَعْنَاهُ: مَطْعُونٌ عَلَيْهِمْ، مِنْ قَوْلِكَ: غَمَزْتُ الرَّجُلَ: إِذَا عِبْتَهُ وَطَعَنْتَ عَلَيْهِ، يُرِيدُ أَنَّهُمْ يُبَدَّعُونَ وَيُكَفَّرُونَ، قَالَ الشَّاعِرُ:

وَالْجَاهِلُونَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَعْدَاءُ (٤) " (٥)

من قول رسول الله : (النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا) (٦).

وَكَرَّةُ الْجَهْلِ (٧): دَوْلَتُهُ، ومنه قوله ﷿: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ


(١) ديوانه: ١١٩.
(٢) أدب الكتاب: ٥.
(٣) أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز، مولى بني أمية الإشبيلي، المعروف بابن القوطية، إمام في اللغة، روى عن قاسم بن أصبع، وصحب القالي وتتلمذ له، كان أحد أعلام المالكية، ألف كتاب الأفعال والمقصور والممدود. ترجمته في: تاريخ علماء الأندلس: ٢/ ٧٨؛ إنباه الرواة: ٣/ ١٧٨؛ اليتيمة ٢/ ٧٤؛ الديباج المذهب: ٢٦٢؛ الوفيات: ٤/ ٢٦٨؛ ترتيب المدارك: ٤/ ٥٥٣.
(٤) صدره:
قيمة المرء ما قد كان يحسنه
والبيت لعلي في ديوانه: ٧؛ نهج البلاغة: ١٥/ ٤١٩.
(٥) الاقتضاب: ١/ ٤١.
(٦) لم نقف على هذا الحديث. وهو مثل ينسب للإمام علي كرّم الله وجهه: في الإعجاز والإيجاز: ١/ ٤؛ زهر الآداب: ١/ ١٨؛ جمهرة الأمثال: ١/ ١٩٩.
(٧) أدب الكتاب: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>