للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ﴾ (١)، أي الدَّوْلَةَ، وَأَصْلُهَا مَصْدَرُ: كَرَّ، يَكُرُّ فِي الْحَرْبِ، كَرًّا وَكَرَّةً: إِذَا حَمَلَ بَعْدَ انْهِزَامٍ، يُرِيدُ أَنَّ دَوْلَةَ الْجَهْلِ قَمَعَتْهُمْ وَأَذَلَّتْهُمْ، يقال: قَمَعْتُ الرَّجُلَ: إذَا أَذْلَلْتَهُ وَصَرَفْتَهُ عَمَّا يُرِيدُهُ.

وقوله: "حِينَ نَوَى نَجْمُ الْخَيْرِ" (٢):

أَيْ سَقَطَ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَنْسُبُ الأَنْوَاءَ إلى مَنَازِلِ القَمَرِ الثَّمَانِي والعِشْرِينَ، وَمَعْنَى النَّوْءِ: سُقُوطُ نَجْمٍ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ مَعَ الْفَجْرِ وطُلُوعُ نَجْمٍ آخَرَ يُقَابِلُهُ مِنْ سَاعَتِهِ فِي الْمَشْرِقِ، وَسُمِّيَ نَوْءًا لِأَنَّهُ إِذَا سَقَطَ الْغَارِبُ نَاءَ الطَّالِعُ، يَنُوءُ نَوْءًا. وَكُلُّ نَاهِضٍ بِثِقَلٍ فَقَدْ نَاءَ. وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ النَّوْءَ سُقُوطَ النَّجْمِ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَضْدَادِ. وَكَانُوا إِذَا سَقَطَ مِنْهَا نَجْمٌ وَطَلَعَ آخَرُ فَحَدَثَ عِنْدَ ذَلِكَ مَطَرٌ أو رِيحٌ أو بَرْدٌ أو حَرٌّ، نَسَبُوهُ إِلَى السَّاقِطِ، إِلَى أَنْ يَسْقُطَ الذِي بَعْدَهُ، وإذا سَقَطَ ولَمْ يَكُنْ عِنْدَ سُقُوطِهِ مَطَرٌ وَلَا رِيحٌ وَلَا بَرْدٌ، وَلَا حَرٌّ، قِيلَ: خَوَى نَجْمُ كَذَا، وَأَخْوَى، يُقَالُ: خَوَى، وأَخْوَى، وخَوَاءً، فَضَرَبَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ مَثَلًا لِذَهَابِ الخَيْرِ كَمَا ضَرَبَ "كَسَادَ السُّوقِ" لِزَهَادَةِ النَّاسِ فِي الْبِرِّ. وَالْأَشْهَرُ فِي السُّوقِ التَّأْنِيثُ، وَقَدْ حُكِي فِيهَا التَّذْكِيرُ، أَنْشَدَ الفَرَّاءُ (٣): (طويل)

بِسُوقٍ كَثِيرٍ رِيحُهُ وَأَعَاصِرُهْ (٤)


(١) سورة الإسراء (١٧): الآية ٦.
(٢) أدب الكتاب: ٦
(٣) يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي، مولى بني أسد، أبو زكرياء، إمام الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب، ولد بالكوفة سنة (١٤٤ هـ)، وانتقل إلى بغداد وتوفي في طريق مكة سنة (٢٠٧ هـ). تاريخ بغداد: ١٤/ ١٤٩؛ نزهة الألباء: ٩٨؛ إنباه الرواة: ٢/ ٢٢؛ الإرشاد: ٧/ ٢٧٦؛ التهذيب: ١١/ ٢١٢؛ الوفيات: ٢/ ٢٢٨؛ بغية الوعاة: ٢/ ٣٣٣؛ الأعلام: ٨/ ١٤٥.
(٤) صدره:
ألم يعظ الفتيان ما صار لمتي
البيت في الغريب المصنف: ٤٠٥؛ الإصلاح: ٣٦٢؛ المخصص: ١٧/ ٢١ - ل (سوق).

<<  <  ج: ص:  >  >>