للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال فيه المراكشي: "كان أعرف الناس كيف تكلم العرب، وأحفظهم بأيامها ومآثرها وجميع أخبارها في الجاهلية والإسلام. كان أحسن الناس بالقرآن، وأسرعهم نفوذ خاطر" (١).

وبعد وفاة أبي يعقوب سنة (٥٧٠ هـ) بويع ابنه أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي (٢) الذي قال فيه ابن الخطيب: "آية الموحدين في الإعطاء والمواساة، وفي أيامه ساد الرخاء، واستغنى الناس، وكثرت في أيديهم الأموال" (٣).

كما أنه كان شغوفًا بالجهاد في سبيل الله. وقد واصل الجهاد في حروب طويلة مع بني غانية بإفريقية، ومع قراقوش التركي في الجزائر الشرقية، ومع أبي زيان زعيم الغز.

وبعد طول معاناة تمّ له النصر، وخضع له قراقوش وأبو زيان، ومن ثم عاد إلى الأندلس ليواصل الجهاد ضد النصارى، حيث وقعت "معركة الأرك" (٤) سنة (٥٩١ هـ) "وسرعان ما رفع انتصار الأرك شهرة الموحدين الحربية في كل مكان، وأمر يعقوب المنصور بإذاعة النبأ من منابر المساجد في جميع أنحاء مملكته الشاسعة، وخصّص خمس الغنائم بعد أن وزع باقيها على الجند لبناء مسجد فخم في إشبيلية، اشتهرت منارته بارتفاعها البالغ، وأمر ببناء حصن كبير في مراكش لتخليد ذكرى الموقعة" (٥).

وقد دام حكم الموحدين في الأندلس زهاء قرن من الزمن حتى حدود سنة (٦٠٩ هـ) بعد معركة "العقاب"، حيث انهزموا أمام النصارى الذين استجمعوا قوتهم، وتوحّدوا تحت راية الكنيسة، وكانت هذه الهزيمة بداية


(١) المعجب: ١٣٢ - ١٣٣.
(٢) يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، مولده بمراكش سنة (٥٥٥ هـ)، بويع سنة (٥٨٠ هـ) وتوفي سنة (٥٩٥ هـ).
(٣) الإحاطة: ٤/ ٣٥٥.
(٤) الأرك: موضع بنواحي بطليوس؛ نفح الطيب: ١/ ٤٤٢؛ جذوة الاقتباس: ٥٥٥.
(٥) تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين، يوسف أشباخ: ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>