للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُهُ فِي شِعْرٍ يَذْكُرُ فِيهِ مَقْتَلَ عُثْمَانُ (١) وَيَوْمَ الْجَمَلِ (٢) وَيَوْمَ صِفِّينَ (٣)، وَأَنْشَدَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ شَاهِدًا عَلَى أَنَّ الطَّرَبِ يَكُونُ فِي الْجَزَعِ كَمَا يَكُونُ فِي السُّرُورِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: "طَرَبَ الْوَالِهِ"، وَالْوَالِهُ: الذَّاهِبُ العَقْلِ لِفَقْدِ حَبِيبٍ، وَالْمُخْتَبَلُ: الَّذِي قُطِعَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهِ.

قَالَ يَعْقُوبُ: "يُقَالُ: بَنُو فُلانٍ يُطَالِبُونَ بَنِي فَلَانٍ بِدِمَاءٍ وَخَبُولٍ أَي بِقَطْعِ أَيْدٍ وَأَرْجُلٍ" (٤).

وَقَدْ يَكُونُ الْمُخْتَبَلُ الْفَاسِدَ الْعَقْلِ وَهُوَ نَحْوٌ مِنَ الْوَالِهِ.

وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَقَبْلَ الْبَيْتِ:

سَأَلَتْنِي جَارَتِي عَنْ أُمَّتِي … وَإِذَا مَا عَيَّ ذُو اللُّبِّ سَأَلْ

سَأَلَتْنِي عَنْ أُنَاسٍ هَلَكُوا … شَرِبَ الدَّهْرُ عَلَيْهِمْ وَأَكَلْ (٥)

وقوله: "أَرَاني" (٦).

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ رُؤْيَةِ الْعِلْمِ فَيَكُونُ "طَربًا" مَعْقُولًا ثَابِتًا.

وَأَنْ يَكُونَ مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ، فَيَكُونُ حَالًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُرَى بِالْقَلْبِ وَالْعَيْنِ. وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ لِقَوْلِهِ: أَرَانِي، فَعَدَّى فِعْلَ الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ إِلَى الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ وَهُنَا جَمِيعًا لِلْمُتَكَلِّمِ.


(١) كان مقتله في ١٨ ذي الحجة سنة (٣٥ هـ) وهو ابن ٨٣ سنة، انظر: حادث مقتله في الكامل لابن الأثير: ٢/ ٩٠؛ تاريخ اليعقوبي: ٢/ ١٧٦.
(٢) حدث سنة (٣٦ هـ)، وكان بوقوف عائشة وطلحة والزبير ضد علي إذ سخطوا على إمارته ودعوا الناس إلى الإصلاح، سميت بالجمل الذي كانت تركبه عائشة . انظر: الكامل لابن الأثير: ٣/ ١٤١.
(٣) هي الوقعة الشهيرة بين علي ومعاوية في أيام ذي الحجة من أواخر سنة (٣٦ هـ) إلى سنة (٣٧ هـ)، وقد تحاكما إلى القرآن وانتهت بخلع علي وتنصيب معاوية بخديعة. انظر: الكامل لابن الأثير: ٣/ ١٤١.
(٤) تهذيب الألفاظ: ٧٢٨.
(٥) ديوانه: ٩٣؛ أمالي ابن الشجري: ٣/ ٢٢٧؛ الحماسة البصرية: ٢/ ٢٠١.
(٦) أدب الكتاب: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>