للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ط: "هَذَا قَوْلُ الْأَصْمَعِيِّ كَمَا ذُكِرَ عَنْهُ وَهُوَ الْمَشْهُورَ. وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ الْحِشْمَةَ تَكُونُ بِمَعْنَى الْاسْتِحْيَاءِ. وَقَالَ صَاحِبُ "الْعَيْنِ": "الْحِشْمَةُ: الْانْقِبَاضُ عَنْ أَخِيكَ فِي الْمَعْظِم وَطَلَبِ الْحَاجَةِ" (١)، تَقُولُ: احْتَشَمْتَ عَنِّي، وَمَا الَّذِي حَشَمَكَ وَأَحْشَمَكَ، وَقَدْ رَوَى فِي شِعْرٍ عَنْتَرَةَ: (كامل)

وَأَرَى مَغَانِمَ لَوْ أَشَاءُ حَوَيْتُهَا … فَيَصُدُّنِي عَنْهَا كَثِيرُ تَحَشُّمِي (٢)

وَقَالَ كُثَيِّرُ: (بسيط)

إِنِّي إِذَا لَمْ يَكُنْ عَطَاؤُهُمَا عِنْدِي … بِمَا قَدْ فَعَلْتُ أَحْتَشِمُ (٣)

وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:

وَرَأَيْتُ الشَّرِيفَ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ … وَضِيعًا وَقَلَّ مِنْهُ احْتِشَامِي (٤)

وَقَدْ تَحْتَمِلُ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ أَنْ تَكُونَ عَلَى مَا قَالَ الْأَصْمَعِيُّ فَلَا تَكُونُ فِيهَا حُجَّةٌ فَيَكُونَ "تَحَشُّمِي" فِي قَوْلِ عَنْتَرَةَ: أَنَفَتِي وَحَمِيَّتِي لِأَنَّ هِمَّتِي فِي الْمَسْلُوبِ لَا فِي السَّلَبِ فَيَكُونُ كَقَوْلِ أَبِي تَمَّامٍ: (بسيط)

إِنَّ الْأُسُوَدَ أُسُودَ الْغَابِ هِمَّتُهَا … يَوْمَ الْكَرِيهَةِ فِي الْمَسْلُوبِ لَا السَّلَبِ (٥)

وَيَكُونُ قَوْلُ كُثَيِّرٍ:"أَحْتَشِمُ" أَيْ أَغْضَبُ وَآنَفُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا فَضْلٌ عَلَيَّ أَلَّا أُجَازِيهِمَا عَلَيْهِ وَيَكُونَ "قَلَّ مِنْهُ احْتِشَامِي" بِمَعْنَى قَلَّ مِنْهُ غَضَبِي وَأَنَفَتِي لأنَّ الشَّرِيفَ يَأْنَفُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُرَاجِعًا لِلْخَسِيسِ، كَمَا قَالَ الْآخَرُ: (بسيط)

وَأَعْرِضْ عَنْ شَتْمِ اللَّئِيمِ تَكَرُّمَا (٦)


(١) العين (حشم): ٣/ ٩٩.
(٢) ديوانه: ١٦٠ روايته: فأرى، الحماسة البصرية: ١/ ٧٩.
(٣) ديوانه: ٢٧٣ روايته: إني متى لا يكن نوالهما، وهو في: الخصائص: ٣/ ١٤٩، ل (حشم).
(٤) البيت ليس للطرماح بل للكميت في هاشمياته: ٣٠ وفي ديوانه: ١/ ٣٥.
(٥) ديوانه: ١/ ٦٦ روايته: أُسُودَ الْغِيلِ، وهو في الحماسة المغربية: ٣٢٤، الأغاني: ١٦/ ٣٠٢، الخزانة ١/ ٣٥٦.
(٦) البيت لحاتم الطائي وصدره: =

<<  <  ج: ص:  >  >>