للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَجَالَتْ عَبْرَةٌ أَشْفَقْتُ مِنْهَا … تَسِيلُ كَأَنَّ وَابِلَهَا فَرِيدُ (١) " (٢)

وَأَنْشَدَهُ أَبُو عَلِيٍّ فِي "النوادِرِ": "فَقَالُوا" بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا لِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إِلَى "الْعَوَاذِلِ" وَالْمُرَادُ بِهِنَّ النِّسَاءُ لِأَنَّ "فَوَاعِلَ" جَمْعُ فَاعِلَةٍ، فَإِنْ قِيلَ: فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْعَوَاذِلِ الْعُذَّلَ ضَرُورَةً كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَقُ: (كامل)

وَإِذَا الرِّجَالُ رَأَوْا يَزِيدَ رَأَيْتَهُمْ … خُضَعَ الرِّقَابِ نَوَاكِسَ الْأَبْصَارِ (٣)

فَيُقَالُ: إِنَّ قَوْلَهُ: "وَقُلْتُ لَهُنَّ" يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ يَجُوزُ عِنْدِي عَلَى أَنْ يَكُونَ انْصَرَفَ مِنَ الْإِخْبَارِ عَنِ الْمُؤَنَّثِ إِلَى الْإِخْبَارِ عَنِ الْمُذَكَّرِ وَهُوَ كَثِيرٌ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا: (وافر)

فَقَالُوا مَا لِدَمْعِهِمَا سَوَاءٌ … أَكِلْتَيْ مُقْلَتَيْكَ أَصَابَ عُودُ (٤)

فَهَذَا الضَّمِيرُ لَا يَصِحُّ فِيهِ إِلَّا التَّذْكِيرُ عَلى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ رُوِيَ: "فَقُلْنَ نَرَى دُمُوعَهُمَا سَوَاءٍ" لَكَانَ أَجْوَدَ وَأَبْعَدَ مِنَ الْمُجازِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ رِوَايَةً ثانِيَةً غَيْرَ رِوَايَةِ أَبِي عَلِيٍّ.

وَ"كَلَّا" هُنَا كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا الزَّجْرُ وَالرَّدْعُ، وَقِيلَ مَعْنَاهَا النَّفْيُ، أَيْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ، وَلَا مَوْضِعَ "لِمَنْ" مِنَ الْإِعْرَابِ لِتَعَلُّقِهَا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ: "يَبْكِي".

أبُو عَلِيِّ: كَلَّا زَجْرٌ وَرَدْعٌ، وهَكَذَا قَالَ أَشْيَاخُنَا قَوْلَهُ: "مِنْ ذَلِكَ الْحِشْقَةُ" (٥) الكلام.


(١) البيتين في: ديوان بشار: ٧٣ وفي شعر عروة بن أذينة: ٤١٤؛ وفي الأغاني: ٤/ ٣٠؛ الأمالي: ١/ ٤٩؛ الأشباه للخالديين: ٢/ ٦٨.
(٢) الاقتضاب: ٣/ ٧.
(٣) ديوانه: ٢٦٦ والبيت من الشواهد النحوية وهو في: الكتاب: ٢/ ٢٠٧؛ المقتضب: ١/ ١٢١؛ شرح المفصل: ٥/ ٥٦؛ الكامل: ٤/ ١٨٩؛ الخزانة: ١/ ٩٩؛ الأغاني: ٢١/ ٣٦٩ روايته: خُضُعَ، الحماسة البصرية: ١/ ٤٧٠.
(٤) ديوانه: ٧٤ روايته:
لدمعتها ............ … أكلتا ..............
وفي الأغاني: ٤/ ٣٠. روايته: فقلنفما … سواء.
(٥) أدب الكتاب: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>